منذ أيام صرّح ابن الوطد النقابي النوفمبري عبيد البريكي بأنّ البلاد تحتاج إلى زعيم.. "هكذا علّمنا التاريخ".. قال ذلك في معرض حديثه عن المنقلب.
تعليقي على هذا الكلام:
1. أنا أميل إلى أنّ في هذا الكلام نفاقا مفضوحا، ذلك أنّ سلالة الوطد من أكثر السلالات استخفافا بالناس وسخرية منهم، ولا أراهم، إذا اجتمعوا، يرون في هذا المنقلب شيئا يستحقّ الذكر... فهو لا يعدو، لديهم، حصان طروادة استعملوه في دكّ قلعة مسار الانتقال الديمقراطي ليجهزوا على كلّ أمل في السياسة بعد أن عرفوا خفّة موازينهم فيها... وهم الذين اخترقوا، طيلة العهد النوفمبري، الإدارة والنقابة كلتيهما حتى باتت الدولة في قبضتهم.
2. لا معنى للزعامة في السياسة... الدول لم تتقدّم إلّا بعد أن كفرت بزعمائها... التقدّم لا يصنعه الزعيم، بل يصنعه شعب المواطنين الأحرار الذين يتعاقدون على دستورهم ويتفاهمون على نظامهم السياسي ويتشاركون في وضع سياساتهم التربوية وخياراتهم الاقتصادية بكلّ حرية وفي إطار القانون الذي يرتضونه.
3. الانقلابات، لأنّها جرائم سياسية، فهي تضع سرديات مزوّرة في أشخاص فوق القانون تزيّن قبحهم بلقب الزعامة... فتزيد من تقبيحهم بين الناس.
قاطع الطريق قد يتجنّب الناس سطوته، ولكنه لا يكون زعيما ذا مقام في قلوبهم أو عقولهم مهما فعل.
4. الذي يستعمل قوّة الدولة ليظهر بمظهر البطش لا يمكن أن يكون زعيما... قد تزمّر له جوقة الطامعين، ولكنّها تسارع إلى البراء منه إذا جرى له الذي جرى لبن علي والقذّافي ومبارك وعلي عبد الله صالح وعمر البشير…
هؤلاء كانوا زعماء في بلدانهم.. وبمجرّد أن سقطوا كان توابهم أسرع الناس إلى إنكارهم.
5. الماركسيون من المفروض أن يكونوا من أكثر الناس فهما للتاريخ وأولاهم اعتبارا منه… ولكن عبيد البريكي بهذا التصريح فضح عميق جهله وسطحية فهمه وعظيم نفاقه لسلطة الأمر الواقع… وتلك عادته وهو الذي صُنع له اسم بترتيب من بن علي ذاته.. ولم يكن فوز ابنته بتوجيه كلية الطب بأدنى معدّل في البكالوريا سوى ثمن على خدماته الجليلة لنظام السابع الفاشي العميل التابع.
همسة للسيد عبيد: حين تذكر كلمة زعيم يحضر هتلر وموسوليني وستالين.. أتريد لبلادنا أن تسير مسار بلدان هؤلاء وتحذوَ حذوها؟