هو لا يحترم الأفراد ولا يقدّر الشعب.. الشعب ليس سوى عبارة يلفظها وبلفظها يلفظ الشعب بأسره وإن ركب على اسمه لتسويق نفسه والإيهام بمشروعه الهلاميّ.. لا يرضى بغير سحق الجميع ليكون هو الدولة والمجتمع والشعب كأنّه عصارة البشرية الباقية وكأنّ كلّ من سواه هباء..
إذا نظرت في كيف ظهوره إلى الناس ألفيت نزوعه إلى سحق الجميع بلا استثناء ليكون وحده لا شريك له مثل إله خسف الأرض بخلقه وجلس يستمتع بالنظر في الفناء يثبت منه وجوده…
كان خارج الصورة ثمّ انتُخب رئيسا فدخل الإطار.. على وجل.. تاريخه بدأ يوم أن صار رئيسا.. بدأ زحفُه على الصورة من صوته.. يطغى صوتُه على كلامه حتّى ظنّ الناس أنّه فصيح.. ولا فصاحة له إلّا ما كان ظنّا ممّن لا يعرف دستور اللغة.. وللغة دستور يفقهه أهلها والقادرون على استعمالها ووصفها..
ثمّ اطمأنّ إلى الصورة، ولكنّه لا يقبل بأن يأتيَها إلّا فردا أن يقارنه الناس بمن معه في قول أو في مظهر.. إذا حضر معه فرد أو مجموعة سحقتهم الكاميرا.. تركتهم له فلا تبدو لهم ملامح إلّا ما دلّ على حضورهم بين يديه يخاطب من خلالهم ولا يخاطبهم كأنّه شرب ملامحهم وسلبهم فهم ما يقول.. لا ظهور معه لأحد ولو كان ضيفا أجنبيّا تستدعي أصولُ الضيافة تبجيلَه.
عقد مجلسين للوزراء العاملين لديه.. ظهر يتكلّم وحده وبدوا بلا أصوات.. وظهر له وجه وكانوا بلا وجوه.. ولم يفوّت استثمار الكمامة الواقية من الكوفيد فكمّمهم وتكلّم سافرا فكانوا بُكْمًا مرّتين ولا صورة لهم تميز أحدهم من الآخر يتشابه في ذلك الرجال والنساء.. هؤلاء نخبته المصطفاة وعصابته المجتباة يفعل بهم ما نرى ونسمع فكيف بالشعب المسحوق؟ هل سيكون للشعب معنى لم نره لوزير؟
لو أنّه أبدى احتراما لأحد من حوله لظننّا أنّ احترامه يمكن أن يتعدّى إلى عامّة الشعب أمّا والحال كما نرى فلا شعب إلّا ما كان صوتا أجوف مُدّعى.. ولا شعب إلّا ما حقّق الأربَ.. والأربُ عرش خلود.. وخلود الحاكم لا يكون إلّا من جماجم المحكومين.