ما هو تفسير أن تجاهل الرئيس لكل الأزمات يتزايد كلما توسّعت صلاحياته وكلما اشتدت حدة هذه الأزمات؟
الحد الأدنى للسلوك العقلاني لدى أي حاكم أنه يوجه صلاحياته للتدخل في الأزمات، وليس لتجاهلها. بغض النظر عن قدرته على حل هذه الأزمات، فإن التجاهل ليس سلوكا عقلانيا. لكن الحكم يتطلب في الوقت نفسه حدا أدنى من العقلانية، وهذا ضلع آخر من أضلاع المفارقة الراهنة.
لا يمكن تفسير هذا التجاهل إلا كرد فعل لا إرادي عن العجز، وهو سلوك نفسي معروف، ولكنه لا يليق بحاكم أولا، ولا يليق بالخصوص بحاكم بكل هذه الصلاحيات. يضعنا ذلك في صلب المِزاجية، ما يعني أن ما يتغلب على الرئيس هو المِزاج، وليس العقل.
تصاعد المِزاجية والصلاحيات معا لا معنى له سوى أنه كلما زادت حدة الأزمة، زادت معها أيضا ردود الفعل المزاجية. هذا وضع يجعل من التعامل مع أزمة متوسطة وإيجاد حلول لها أمرا صعبا. في حالة أن الأزمة تكون معقدة ومستمرة في الزمن، فإن المخاطر أكبر.
هيكليا، قيس سعيد غير قادر على مواجهة حدة الأزمة الحالية، وهذا أمر لا ينفع معه قرض صندوق النقد ولا البناء القاعدي. السفينة فعلا بلا ربان، ولا حتى قرصان !