خطاب رئيس الجمهورية في موكب تأدية الحكومة الجديدة اليمين، هو خطاب حرب. هو حاول أن يقول أنو يتمنى التوفيق للحكومة الجديدة، لكن جزء هام من هجومو كان موجه ضد رئيسها. الرئيس، حسب رأيي، يعتبر أن أحزاب الإئتلاف الحاكم الجديد هي الهدف في المرحلة القادمة.
عمليا، وحسب ما فهمت، أي تغيير لأعضاء في الحكومة بناء على صفقة ما بين المشيشي والنهضة-قلب تونس، هو خط أحمر. شنوة ينجم يعمل؟ يحل البرلمان في أدنى الحالات. الرئيس متمسك بالناس إلي اختارهم في كل وزارات السيادة بالخصوص. علاش؟
لأنو غير مستعد، حسب ما فهمت، أنو يفقد أوراق بقيت بين يديه. خط المعركة في المرحلة القادمة هو وزارة الداخلية والعدل. قلت أن مرور الحكومة، بالصفقة التي تمت بين المشيشي والنهضة-قلب تونس، هي أول خطوة في منطقة التوتر العالي. إذا الحكومة عدات فصل الشتاء، تتسمى طولت برشة!
واحدة من الخلاصات الهامة، أن المنظومة إلي تحكم البلاد من عشرات السنين، وإلي تغير ممثليها كيما يغير أي إنسان ملابسو وقت تتمسخ، هي منظومة مش عايشة بالمصالح فقط. هي قادرة كل مرة على الإستمرار بالأمل في إصلاحها إلي ترفعو بعض المجموعات من المنتظمين وغير المنتظمين.
الأمل هذا يخلي الناس تقول أنو كان المنظومة هذي تتصلح شوية أو برشة، توة تولي باهية. الديمقراطية مثلا، الأمل في مكافحة ناجعة للمصالح، الأمل في أن البلاد قادرة بشوية تروشيكات أنها تشد السكة الصحيحة، هذي كلها جرعات أكسيجين تُعطَى للمنظومة وتخلي وجودها مضمون، في انتظار أنها تتلاءم مع الملابس الجديدة.
لكن أكبر هدية تنجم تتحصل عليها المنظومة هي أخطاء الأفراد إلي يقودوا الأمل هذاكة.
مثال، يجي رئيس حكومة ويعمل حكومة تمس الملفات الصحيحة، وعندها رؤية، وقادرة باش تنجز حاجات تخلي البلاد تقدم بسرعة، لكن رئيس الحكومة، إلي نسميوه رافع الأمل هذاكة، يخفي مصالحو، وشركاتو تعمل صفقات مع حكومة هو رئيسها، ويولي أفسد واحد في تونس يعطي فينا، في جرتو هو، في الدروس! تولي الناس تقول عاد المنظومة أرحم: الواحد مش كل نهار بفجعة وإلا اثنين، وكل نهار وهو يرمم في معنوياتو.
مثال آخر: يجي رئيس جمهورية، من خارج منظومة الأحزاب، ويرفع شعارات إصلاح المنظومة السياسية. بل تغييرها، والشعب يريد وكذا. يصوتولو معظم الناخبين، وسقف توقعات الناس منو يرتفع برشة. تبدأ تشوف في حاجات ما تجيش، لكن تتعمل. تقول لكل جواد كبوة. من بعد تكثر الكبوات، لين تقول شنوة الجواد هذا إلي مش قادر يشوف الطريق، ولا يعرف كيفاش يوصل، ولا فين يحب يوصل أصلا! تولي الناس تقول عاد المنظومة أرحم: الواحد مش كل نهار بصدمة وإلا اثنين، وكل نهار ونصيبو من الفجايع.
عاد، بكل ديمقراطية الشعب، أفضل ناس قادرة تستمر في الحكم، هوما إلي تتبناهم المنظومة، أو هوما يتبناوها. ناس ما عندهاش مشكل تاخو رشوة قبل صلاة الجمعة، وتعطي رشوة بعد صلاة العصر. عادي. الحياة طالبة هذا، والأمور ما تمشي كان هكة. هذيكة ثقافة معظم الناس في بلادنا للأسف. هذاكة علاش الناس إلي يحبو مثلا يكافحو الفساد، بل يقضيو على الفساد بوصفه الجذع الحيوي متاع المنظومة، ماذابيهم ماعادش يتكلموا باسم الشعب. ينجمو يقولو أن هذي أفكارهم هوما، أما أن الشعب يحب، راهو الشعب ما يحب كان يقضي أمورو.
إيه، مطلوب أن الناس هذيكة تسلم؟ ترمي المنديل؟ وتنشر اليأس من أي إصلاح؟ لا طبعا. مطلوب منهم أنهم يتخلصوا أولا من برشة أمراض، يعملوا تنظيمات تفعل ما تقول، مش يعملو زوايا صوفية، وشيوخ طُرق. يخدموا على مضامين، يخدموا على الثقافة، وما يزربوش في التغيير. يبنيو حاجة صلبة، موش تقشقيش حناك. وقت يحضروا، يتفضلوا، خاطر المنظومة ما عندها وين ماشية. كل رفع أمل كاذب، هو تقوية للمنظومة. كل حركة مش في وقتها، مصيرها الفشل، والناس تزيد في اليأس، وإلي باش يبدا يكون مضطر باش يعاود يبني كل شي من جديد.
كليمة في النهاية للفخفاخ ولقيس سعيد: تعرفوا شنية جريمتكم؟ وإلا نزيد نفسرلكم؟!