توة عشرين يوم بالضبط ملي حكومة المشيشي خذات ثقة البرلمان (البرلمان إلي توحشناه بالمناسبة)، يعني ثلاثة أسابيع. في وقت عادي، الفترة هذي لا تعتبر طويلة. في فترة كيف إلي نعيشوها اليوم، هذي فترة طويلة برشة.
ينجم يجي حد يقلي شنوة تحبو يعمل في ثلاثة أسابيع، خاطر يلزمو يفهم آش صاير، ويفهم الملفات. هنا نقدر نجاوبو أن رئيس الحكومة ماجابوشي من دارو طول: عدى شهر كامل في التشاور من أجل تشكيل الحكومة، وأيضا (نظريا) في مناقشة البرنامج، وقبلها كان وزير داخلية في حكومة الفخفاخ. وقبلها كان مستشار في رئاسة الجمهورية. هذي فترات كافية تخلي الإنسان، بفعل تعدد المواقع وبالتالي زوايا النظر، يكون فاهم آش باش يعمل.
قناعتي الخاصة أن المشيشي مش قادر يعمل حتى شي في الأزمة هذي، ولا حتى في أزمة أقل منها حدة. رئيس الحكومة يفترض يكون، بالنسبة لمن يرشحه، صاحب مواقف معروفة في أمهات القضايا. ويكون هذاكة من أسباب ترشيحو للخطة هذي. المشيشي، وأي واحد في وضعيتو (خاطر القضية ماهيش شخصية) متعود ينفذ، مش متعود يجتهد. تحطلو التوجهات، وهو يتصرف بحسب المتاح والموارد. ربما هذا هو إلي خلى قيس سعيد يختارو، وهذا في حد ذاتو يدل على أن الرئيس ما اختاروش باش يكون رئيس حكومة. الواقع بطبيعة الحال حاجة أخرى تماما.
يعني أنت في المحصلة عندك رئيس حكومة، كيما نقولو "ولد الإدارة". هذي كلمة تتقال في باب المدح. العبد لله رأيي مختلف تماما.
ثمة ميزة في إدارتنا التونسية: الثقل، قلة الإجتهاد، البطئ، التمسك بالشكليات، غياب الفكرة، ومواجهة الإصلاح، يعني المحافظة. رئيس الحكومة، والناس إلي اختارهم معاه الكل تقريبا، هوما من النوع هذا. البارح تفرجت في وزير الصحة. والبارح سمعت تدخل المشيشي في الإجتماع مع الولاة. هذا هو النمط من هنا فصاعدا: لا فكرة، ولا روح، ولا قدرة على الإقناع، ولا قدرة على القيادة.
وهنا نحب نعمل مقارنة. يعني صار ضمنيا نوع من الإتفاق بين قيس سعيد، والنهضة، وقلب تونس، وإئتلاف الكرامة، على أنهم يرشحوا شخصية تتوفر فيها العوامل هذي، لقيادة البلاد. واحد عيّنو في بالو باش يعمل إلي يقلو عليه، والأخرين في بالهم عملولو تحويل وجهة باش يعملهم إلي يحبو عليه. ينجمو يستناو. خاطر المنطق إلي باش يتصرف بيه المشيشي باش يحقق في النهاية صدمة لجميع إلي ذكرتهم.
علاش عملت المقارنة هذي؟ ببساطة باش نقول أن الناس إلي في يدها، دستوريا، القرار، تحب واحد من غير قرار في رئاسة الحكومة. هذا، وليس موضوع تضارب المصالح، هو السبب الحقيقي للإطاحة بحكومة الفخفاخ. حكاية تضارب المصالح تنجمو تحكيوها لناس أخرين. لو الفخفاخ مشى في ما أرادتو الترويكا البرلمانية التعيسة، وعمل إلي حبت عليه، راهو توة مازال رئيس حكومة، حتى لو كان باع قصر الحكومة!
هذاكة علاش عملوا المناورات هذي الكل. انجم ما نلومش على "الحزام البرلماني"، وانجم نعطي إلا واحد لقيس سعيد على سذاجتو، لكن إلي نحب نقولو بالضبط هو أنهم جميعا عطاو البلاد، في الأزمة الإقتصادية والوبائية والإجتماعية هذي، لرجل من الإدارة. الإدارة إلي مدرعتلنا خواطرنا إجمالا بجمودها وثقلها، وإلي نسبة هامة من مشاكلنا ترجع لخصائصها إلي ذكرناها.
وقت تلقى الفسفاط واقف، والنفط والغاز واقفين، ويطلع رئيس حكومة (وقبلها كان وزير داخلية) يقول "لا مجال لإيقاف الإنتاج"، شنوة تفهم منو؟ نفس الشعور متاع وقت البلدية تطلب عليك، مثلا، تعريف بالإمضاء متاع شخص متوفي!
تعيينات المشيشي: فيم العجب؟
يعني الناس كانت تنتظر في المشيشي باش يعين مستشارين ليه، ناس لا تشوب سيرتهم شائبة؟ علاه؟ جاكم من رفاق تشي قيفارا؟ وإلا كان جار أبو ذر الغفاري؟ ماهو تكنوقراط، والتكنوقراط كيما قال المرحوم، les grandes causes ما تهمهمش برشة!
إيه طبيعي يعين المنجي صفرة (قاعة كاملة في أرشيف الرئاسة خاصة بالسيد هذا على فكرة، قاعة الدائرة الإقتصادية إلي ترأسها في العشرة سنين الأخيرة في عهد بن علي، وإلي يكفي أنك تقرى بعض الملفات باش تفهم كيفاش رجل لا يطلع في الإعلام، لا يكتب، لا يتكلم، قادر باش ينفذ أكبر عملية عقلة على الإقتصاد التونسي لفائدة عائلة ولفائدة أصدقاء السلطة).
طبيعي زادة يعين مستشار ليه محافظ البنك المركزي الأسبق، بكار، إلي تاريخ عشرية كاملة من النهب الممنهج، لفائدة نفس المنتفعين، تعدى على يديه. فلذا علاش الناس متعجبة؟
سي المشيشي ما ينجمش يجهل المعطيات هذي، بما أنو كان عضو في لجنة المرحوم عبد الفتاح عمر، والقضايا هذي مكتوبة ومنشورة بالأسماء في تقرير اللجنة، وقضايا أصحابها جارية. هو يعرف، وكيف عينهم يعرف بالباهي شنوة قاعد يعمل. هو ببساطة قاعد يحيط في نفسو بمجموعة قادرة توفرلو عصبية معينة تخليه قادر على الإستمرار وأنو يصبح أقوى. العصبية هذي، من خلال ما نشوفو مالتعيينات هذي وغيرها، عصبية المنظومة القديمة بشقيها: الحزبي والإداري. أنا هذا نراه طبيعي، ومتوقع. أصلا سي المشيشي منين جاء؟ من الصف الثاني للمنظومة...هذا حتى هو لا ينكره.
يبقى أني نحب نهني زوز أطراف يرجعلهم الفضل في الوضعية الراهنة: سي قيس سعيد، والنهضة.
علاش قيس سعيد؟ خاطر من غير تعيينو لسي المشيشي ثلاث مرات، وإصرارو عليه، ثقةً في ناس رشحتهولو، المشيشي ماكان ينجم يطمع إلا في وظيفة ثانوية جدا في الإدارة. هو فقط استغل حُمق محيط الرئيس (لا لا، الكلمة ملطفة جدا) واستغل السذاجة (ثمة قْدرْ بلّي يكون) متاع الرئيس. يعني السيد الرئيس مسؤول علي حاصل وعلي باش يحصل في عمق الدولة، أحب ذلك أم كره. هو متواطئ بالسذاجة، والسذاجة رغم إلي ما عندهاش فصل يعاقب عليها في القانون، إلا أن مرادفها هنا هو الخطأ الجسيم. "الأمانة" قال سي قيس... كان الأمانات الكل يحافظوا عليهم بالطريقة إلي استعملها سي قيس، يا ألف خيبة المسعى... هذا الكل وأنا نحب نتلافى تعبير خيانة الأمانة...أما حاسس ماتجي عالقياس كان العبارة هذي!
والنهضة، علاش نشكر فيها؟ في الحقيقة ما تستحقش برشة شكر، خاطر هي بطبيعتها ماعندهاش مشكلة مع عودة الناس هاذم للمواقع الأولى في تسيير الدولة. يعني من نوع "لا شكر على واجب". وقت صار ما اعتقْدتْ أنو عملية تحويل وجهة للمشيشي وحكومتو، هي أصلا كانت قابلة بالعرض وفرحانة بيه. الحق ما تتلامش برشة ولا بعمق، لأنها ما عندهاش مشكل لا مع فساد ولا مع منظومة قديمة ولا مع أي شيء خايب في العشرة سنين الفايتة.
أه نسيت حاجة، النهضة عندها مشكلة مع تضارب المصالح! هذا وحدو كافي باش يدخلها الجنة!