ثمة ناس ماعجبهمش حديث قيس اليوم مع المشيشي، وبلاغ الرئاسة، وشافوا أن قيس تدخل في أمور لا يحق له التدخل فيها دستورا وقانونا. أنا ممكن عندي تحفظات على الشكل، وكتبت في الموضوع هذا سابقا، لكن أهم شيء بالنسبة ليا هو المضمون إلي تكلم بيه الرئيس، وهنا ما انجم نقول إلا أني موافق عليه ألف في الميا. قيس عبر على قناعة تشمل برشة ناس، وما تهمش السياسة في معناها الضيق، لكن تهم السياسة من ناحية أنها ذوق أولا، وأنها غاية ثانيا.
الدول ماهيش شركات محدودة المسؤولية. الدول مشاريع لا محدودة المسؤولية. هذاكة علاش القوانين والدساتير في الدول ماهيش غاية في حد ذاتها. هي طريقة لتنظيم العمل بما يضمن تحقيق الغايات من وجود الدولة، وهي إقامة العدل. القوانين والممارسات غير العادلة، ولو كانت رسمية ومطابقة للصلاحيات، تفقد كل مشروعيتها وقت تبدا في اتجاه معاكس تماما للغاية من الدولة، وهي إقامة العدل. فلذا الناس إلي باش تلح على موضوع الصلاحيات، نحب نقلهم أن الصلاحيات من غير غايات، ما عندها حتى قيمة.
ثمة حاجة هامة في تدخل قيس اليوم، وهي شعورو بالمسؤولية في تعيين رئيس حكومة ما لقاش حتى حرج في أنو يعين مستشارين ليه ناس كان عندهم دور بارز في تفليس الإقتصاد وتحويلو إلى مزرعة خاصة لعايلة حاكمة وأصهارها وأصدقائها.
ما زلت على رأيي في أن قيس تصرف بسذاجة كبيرة لحد الآن، وأن تدخلو اليوم هو محاولة لتلافي خسائر أكبر في صورتو عند التوانسة، وفي دورو، وفي محافظتو على ما بقي من الأمانة. النوع متاع التدخلات هذا ربما النسق متاعو باش يزيد المدة القادمة، لأنو هذي باش تكون طبيعة العلاقة بينو وبين المشيشي. ربما نخصص نص للسيناريوهات المستقبلية الممكنة للعلاقة بين الرجلين، لكن هنا نحب نركز على اتجاهات الرسائل إلي ظهرت في تدخل الرئيس اليوم.
ثمة ناس ما تعرفش أن "صفرة" و"بكار" كانوا من ترشيح نبيل القروي، وهذاكة علاش ربما ما فهموش أن المقصود بالمقطع الأخير من تدخل الرئيس هو نبيل القروي بالذات. هنا عندنا مثال آخر على أن حزب كيف قلب تونس، ما ينجمش يقترح ناس نظاف. هذا أمر مستحيل فيما يبدو.
طبعا باش يرجع الموضوع هذا كلما تعلق الأمر بتعيينات جديدة في جميع مستويات الدولة. إلي فهمتو هو أن الرئيس باش يعترض على كل تسمية من هذا النوع، وأنو مركز بصفة خاصة مع ترشيحات نبيل القروي. هذا باش يرسخ الحرج متاع رئيس الحكومة إلي باش يلقى روحو بين زوز ضغوط، قيس سياسيا، والترويكا البرلمانية من جهة باردو. كتبت في الموضوع هذا وقلت زوز أفكار رئيسية: بقاء المشيش هو رهن إيجاد نقطة توازن ما بين الزوز ضغوط هذي، وأنو من لحظة إلي خذا ثقة البرلمان أصبح إلى حد ما متحرر من سيطرة البرلمان عليه (وقت باش يلقى أن المواصلة مستحيلة، سيعيد الكرة لقيس ، ونعاودو كل شيء من الأول).
المهمة الأساسية عند المشيشي أنو يبقى، وأنو يرسخ سلطة حكومتو. ولذا ما نتصورش أنو منزعج جدا من كلام الرئيس اليوم، بالعكس (رغم شكل الدرس القاسي إلي خذاه تدخل الرئيس) نرى أن هذا يخليه متحرر أكثر تجاه الأحزاب إلي اعتقدت أنها قامت بتحويل وجهتو. قيس مش موافق، وهو ما يقدرش يغامر بتوتر حاد في العلاقة مع الرئيس. الأمور ماهيش فقط صلاحيات وفصول، السياسة أكثر من هذا!
قيس اليوم حكى مع التوانسة، وشهّدهم على موقفو من المنظومة السابقة. قيس شهّد الناس أيضا على رئيس الحكومة. هذي اسمها سياسة أيضا. ربما هذا إلي بقى لقيس، لكن ماهوش شوية بالكل!