لم تكن هنيّة رحمها الله، تؤمن بأي نظريات تربويّة أو بيداغوجيا بعينها ،بخصوص التعامل معنا!
كانت تؤمن إيمانا راسخا لا يتزعزع بأن " الشلاكة بلاستيك بوصبع" هي الكفيلة وحدها بجعلنا ناجحين ومتفوقين ومستقيمين و قادرين على مجابهة الحياة!
كانت تأمرني أنا وأخي أن نجلس على الحصير قريبا منها و " نخدمو دروسنا ونحفظو محفوظاتنا" ، وكانت تراقب بحرص شديد واهتمام كبير ما ننجزه من واجبات ، وما أسرع ما " تشوي" جلودنا بشلاكتها البلاستيك بدعوى أننا لا نعمل بجدية وأن إجاباتنا خاطئة أو ناقصة ، وتطلب منا المزيد من التعمق والتركيز ، ولا أذكر أبدا أنها رضيت بما ننجزه،مما كان يدفعنا لبذل كل ما بإمكاننا من جهد لإرضائها وتجنب غضبها وشلاكتها المجنونة، ولم أدرك أنها أميّة ولا تفقه شيئا مما نكتبه أو نحفظه إلا في الخامسة ابتدائي .
فقد صادف أن سألتها عن وظيفة " إلى السوق" في جملة " ذهب أبي إلى السوق" ، هل هي مفعول به أو مفعول فيه ، فصفعتني بشلاكتها على ظهري بدعوي أنه يجب أن أعول على نفسي ولا أعتمد عليها ، فأصررت ان تجيبني ، لتحتضنني وتعترف لي بأنها لم تدخل المدرسة أبدا وأنها كانت طيلة السنوات الماضية تحاول ان توهمنا أنها " قارية وتفهم باش تخافو مني وتقراو على ارواحكم"
الحقيقة أنني كنت أخاف شلاكة هنيّة أكثر مما كنت أخاف معلّميّ ، وكنت أحسب لها كل حساب وأحرص ان أكون في المراتب الأولى حتى أتجنب " الطريحة" التي لا محيص عنها إذا جاء ترتيبي بعيدا عن العشرة الأوائل، وأعترف أيضا أنني لم أنجح في دراستي بسبب تعلقي بالعلم والتعليم ورغبة أن أكون من نخبة المجتمع، بل فقط خوفا من شلاكة هنية!
هذه الشلاكة التي أعتبرها معلّمي الأوّل ، وخلاصة البيداغوجيا الصائبة ،العملية ، التي تأتي بنتائج حقيقية، وليس النظريات البيداغوجية المستوردة التي لم تؤدّ إلي شيء !
إلى الشلاكة يرحمكم الله !!!