طيلة سنوات دراسته في الابتدائي والثانوي ،والتي امتدت ثلاث عشرة سنة،كان التلميذ الطيب الجوادي مثالا للتلميذ الفاشل!
كان مشاغبا ،لا يتوقف عن الضحك والاضحاك،ومشاكسة معلّميه وأساتذته،وإثارة الفوضى والشغب مما كلفه كل العقوبات التي نصت عليها القوانين المدرسية،وكان كسولا مهملا، لا ينتبه لما يقوله مدرسوه ولا يحضر دروسه ولا يهتم بكراساته وكتبه ولا ينجز واجباته ،فقد كان يجلس في المقعد الأخير ليستكمل قراءة قصة او رواية،غير مبال بما يحصل في القسم،هو المغرم بالقراءة حدّ الهوس والفتنة والتماهي مع النصّ!
وكانت نتائجه في الكالكيل والرياضيات والفيزياء والعلوم كارثية،فكان مجلس القسم يضطر في كلّ مرّة أن ينجحه بالاسعاف!
يذكر انه سنة السيزيام تحصل في الامتحان التجريبي الأوّل على سبعة من عشرين،والتجريبي الثاني على تسعة من عشرين،فلم يبال ،ولم يحسد زملاءه الذين تفوقوا عليه ،باعتبار ان رسوبه امر مفروغ منه لأنّه الأخير في الكالكيل ،وباعتبار أنّه " يعدي في السيزيام لأوّل مرّة" و باعتبار أنه " ضعيف وموش قراي"وطلبت منه هنيّة أن يهتمّ بمساعدة والده في حصاد المحصول ويتناسى تماما مناظرة السيزيام وهمست له " انت وليدي ماكش قراي،وكي وصلت للسيزيام نعمة من عند ربّي!،ومادام تنجم تحسب النعجات وتكتب جواب وتتكلّم شويّة بالسوري كي التوريست ،نا راضية عليك"وكان هذا يكفيه ويملؤه زهوا وفخرا ،وكيف لا يكون سعيدا والكل يمتدح انجازه العظيم المتمثل في الوصول للسيزيام ،ويعفيه من أي ضغوط ويجنبه هواجس النجاح والفشل في المناظرة.
يذكر انه دخل مركز الامتحان ضاحكا غير مهتمّ ولا متوتّر،جلس في المكان المخصص له، قرأ الأسئلة بهدوء، أجاب عما يستطيع الجواب عنه وترك الأسئلة الصعبة التي لم تنفتح له مغاليقها،
كان امتحان الكالكيل مكونا من جزءين : التمارين والمسألة ،يذكر انه استطاع ان يحل التمرين الاول ولكنه لم يُوفّق في حل بقية التمارين ،في حين أعجب بصياغة متن المسألة ،وحاول فكّ بعض طلاسمها .
ولا يعرف إلي اليوم مدى توفيقه في ذلك،ولكنّه متأكّد أنّه أبدع في اختباري دراسة النص والانشاء أيّما إبداع فقد أخذ معه مسودّة اختبار الانشاء ، واحتفظ به سنوات طويلة ،ونال اعجاب كل من اطلع عليه
مع منتصف النهار عاد إلى الدوّار ،ولم تسأله هنيّة ولم يسأله والده ولم يسأله احد عمّا انجزه في الامتحان،بل طلبت منه ان يتناول غداءه و يلتحق بالمنصف ولد عمّو ليساعده في " تنقيل" حزم السنابل إلى " المندرة"
وانشغل تماما بموسم الحصاد ونسي نتيجة المناظرة حتى جاء ذلك اليوم الذي قلب حياته رأسا على عقب،،،