أيّ سعادة لا تصدّق غمرتني ذلك اليوم!

Photo

سيدي عبد الكريم بدأ يدرّبنا على كتابة الحروف،وقريبا جدّا سأصبح قادرا على الكتابة
الدرس الاوّل:كتابة حرف الباء،كان مطلوبا منّا أن نكرّر كتابة الحرف عدة مرات على الكراسات مراعين ارتفاعها وحجمها،

ويا للعار لقد تبيّن لسيدي أنّني أنحدر بالحروف إلى الأسفل، ولا اكتبها في موضعها على النقاط التي رسمها سيدي لتحدّد الموضع الصحيح لكتابتها !حاولت وحاولت دون جدوى،ملأت الكراس بحرف الباء مائلة نحو الأسفل بطريقة بشعة جعلت سيدي يمزّق الورقة ويأمرني أن أحاول من جديد،

غيرت وضعية جلوسي،ثم وضعية الكرّاس دون جدوى،فطالبني سيدي ان أكرر التمرين عدّة مرّات في البيت حتّى أتمكّن من كتابة الحرف في موضعه متوعّدا إيّاي بأنّه "باش ياكلي ڤلبي إذا جئته غدا دون أن أفضّ هذا الإشكال".

بمجرد خروجنا من الفصل ،اختطفت نعيمة بنت عمّي الكراس وجرت بها إلى الدوّار لتعرضها على كلّ من هبّ ودبّ،فأتحوّل أضحوكة الجميع ومصدر تندّرهم ،لم أتمالك نفسي ،ورحت أبكي بكاء مرّا وأنا أمسك هنيّة من ملحفتها وأواري نفسي وراءها ،أدخلتني إلى البيت وأمرتني أن أعيد المحاولة أمامها ففشلت أكثر من مرّة فأخذت منّي البلومة وغمستها في المحبرة ورسمت الباء على النقطة في الموضع الصحيح !

صرخت فيها "يمّة هاك تعرف تكتب ،اكتبيهملي لكل،باش نورّيهم لسيدي"،ملأت الصفحة رحمها الله فأخذت الكراس منها وتركت الغرفة وأنا أصرخ"هاني نجّمت نكتبها في بقعتها،هاي حاجة ساهلة"فبهت الجميع ،وأثنى عليّ عمي وخالي،وفي الصباح طلب سيدي من الجميع أن "يصفّقوا عليّ"لأنّني استطعت أن أكسب الرهان !

رسخ حرف الباء في ذاكرة هنيّة الأميّة ،وظلّت تميّزه عن بقيّة الحروف طيلة حياتها،وكانت تأخذ مني كتبي،وتضع إصبعها على حرف الباء دون بقيّة الحروف !

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات