هكذا تحدث المنصف ولد عمي [2]

Photo

حدثنا الجوادي قال:زارنا المنصف ولد عمي يوما ، فأكرمناه غاية الاكرام ، وأكرمنا حماره الأشهب، وجئناه من السوق بباكو حلوزي وعلبة نشوق و دوّيخة فشرب وطرب حتى أطمعنا فيه،فاقتربت منه حتى لامست ركبته الشريفة ، ففهم عني وسألني : كأنك تبتغي أن أحدثك: هو ذاك،أجبته وأنا بين الرجاء واليأس، قال لا أفعل حتى تبخروني، وتبخروا حماري الأشهب، فإني محدثكم، عن رجل ، ما تحدثت عنه، إلا غلبت على منخري الشريفين روائح منكرة كأنها الجيفة.

إني محدثكم عن رجل شاع ذكره في إفريقية زمن السبسي، ساد قومه في غفلة من الدهر، ولانت له الدنيأ حتى توهم أنه الإسكندر المقدوني في زمانه، حتى أنه عقد حلفا مع الروم والفرس،على أن يبايعوه بالملك يوم يقفز على العرش، وكان يستعجل الأيام والليالي، ويخطب في الجموع، فيدعي الحكمة ورجاحة العقل، ويصرخ في الجموع: إنكم عميان، وإني قائدكم إلى جنة الخلد، وإني مطعمكم من مصغبة، ومؤمنكم من خوف، ولكن صاحبنا استيقظ يوما فإذا هو ، معلق بين السماء والأرض، لا السماء أدرك، ولا على الأرض استقر، فقد خرج عليه رجل من بني عبد النداء يدعى حافظ، غلبه على أمره وفضخه بين قومه حتى لزم بيته لا يفارقه، وتلك عاقبة كل مدع مواز، أفاك، لا علم له بأقدار الرجال وتقلب الأيام!وللّه الملك من بعد ومن قبل.

قال الجوادي: عند هذا الحدّ، قفز المنصف ولد عمي كالملسوع وصرخ:قربوا حماري، فإني أخشى أن تحلّ بي لعنة الموازي، لا أبا لأبيكم، فقربنا منه الحمار وترك الديار.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات