قال لي المنصف ولد عمي: سأقضي ليلة رأس السنة عندك، فهيّئْ مكانا لي ومكانا للحمار، ولا تنس العلف والدجاجة الروتي، وسجائر الحلّوزي! والدوّيخة!
وبعد أن أكل من السلاطة المشوّية، ومشمش الدجاجة المصلية، وعبّ من دوّيخته التي أخفاها تحت برنوصه، وبعد أن ذرف دمعتين لذكرى عشيقة قديمة، قفز فجأة، وصرخ: احضروا حماري الأشهب، إنّي راحل عنكم!
هنا تحلقنا جميعا حوله، ورجوناه أن يحدثنا عما ينتظرنا في العام الجديد.. أجابنا ساهما:
- ليس قبل أن أركب حماري الاشهب.
أعنّاه على ركوب حماره الأشهب.. صمت قليلا.. جذب نفسا عميقا من سيجارته الحلّوزي.. كان واضحا أنه في لحظة تجلّ عميقة، وأنّ كل نوافذ عقله مشرّعة على الآتي، كما يحصل له عندما يعبّ من قنينته ويشعل لفافته ويركب حماره الأشهب.
- ستُركبون، وستصبرون، وسيقتسمون، وستعدّون، أرى حملا كاذبا، وشقوقا، وعَوْدا على بدء، وسنين عجافا..
قال ذلك ولكز حماره وغاب في الظلام!
وما نزال نفكّ طلاسم نبوءة المنصف ولد عمي!