يوميات مدرّس عربية في الكولاج(3)

Photo

دخل مدرّس اللغة العربية القسم فوقف التلاميذ احتراما،فابتسم في وجوههم ممتنّا وبعد أن وضع محفظته الثقيلة على المكتب تجوّل بين الصفوف ليطمئنّ أنّ كل شيء على ما يرام ،عندما وصل إلى الطاولة الأخيرة همست له إحدى التلميذات:

-سيدي حاجتي بيك لو سمحت،

طلب منها أن تتبعه إلى خارج القسم ثم أمر تلاميذه بالجلوس.

بدت التلميذة مترددة مرتبكة، فبادرها مازحا ليهون عليها الموقف :

-ما تقولش ليا ما حفظتش الألفباء كيما اتفقنا.

-لا سيدي أجابت واثقة ،وحفظت الأبجدية زادة،اقتربت منه أكثر حتى لا يسمعها زميلها الذي كان يحاول

أن يلتقط الحوار الذي يدور بيننا وهمست:

-سيدي حبيت نقلك اللي ماما مطلقة وبابا هارب علينا وما يعطيناش النفقة وما تنجمش تشري الأدوات ،وباش تجيك العشرة.

ولأنّ مدرس اللغة العربية متعود على هذه المواقف طيلة سنوات تدريسه وخاصة في المناطق الداخلية فقد هون عليها الأمر وطلب منها أن تسجل اسمها عند مدير الكولاج وسيتمّ مدّها بما تحتاج من أدوات مجانا
على الساعة العاشرة التحق المدرّس الطيب بمكتب المدير ليعرض أمامه وضعية تلميذته الفقيرة،كان باب المكتب مواربا ،وسمع إحداهنّ تصرخ:

جيت نشكي بسي الجوادي متاع العربية ، طلب عليهم أدوات غالية الثمن ،رغم اللي الوزير نبّه باش ما نطلبوش ادوات غالية من التلميذ !!!

طرقت الباب،ولما رآني المدير، سألني وهو يشير للوليّة أمامه:

-بالله المدام هذي قالت اللي انت طلبت منهم أدوات غالية.

- أشكون بنتك سألتها…

- فلانة الفلانية أجابتني، وإذا هي وليّة التلميذة التي قصدت المدير من أجل مساعدتها !

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات