يدخل المدرّس الفصل، فإذا هو مكتظّ بالتلاميذ من أدناه إلى أقصاه،ويلاحظ وجود أربعة تلاميذ واقفين في آخر القسم فيسألهم عن سبب بقائهم على تلك الوضعية فيجيبون بصوت واحد:
-ما لقيناش بقايع !!!
يصرخ فيهم : تصرّفوا ،اقعدوا بأي طريقة ،المهمّ حتى واحد ما يقلي نلوج على طاولة!جلس التلاميذ بجانب زملائهم، وصرخ الاستاذ من جديد:
- جميع الأدوات على جانب الطاولة!
وبعد جولة سريعة بين المقاعد تبيّن له أن نصف التلاميذ بدون أدوات وبدون كراسات،أحدهم احتج بأن " بوه ما خلصش" وآخرون احتجوا بأنهم طلبوا من الأبوين اقتناء الأدوات ولكنهم تجاهلوا الأمر ،،وتعددت الأعذار ،ومعها ارتفع ضغط المدرس البائس الذي راح يخاطب نفسه كمن مسه ضرب من الجنون:
-يجب أن نستكمل المراجعة،ولا يمكن أن يستمرّ الوضع هكذا !
ولأنه يدرك أنه لا جدوى من تهديدهم بالعقوبة ،فقد سلم بالأمر الواقع، وكتب لهم نصا على السبورة وطلب منهم تحديد نمط الكتابة ،فتعالت أصوات التلاميذ محتجة : ما معنى نمط الكتابة؟فطلب منهم تحديد نوع النص؟ فصمت الجميع إلا تلميذة واحدة أجابته بثقة: هذا النص سردي!
- والبقيّة ،تساءل المدرس البائس ، ألم تتعرضوا إلى أنماط الكتابة في مدارسكم؟
وتعالت الأصوات في شبه إجماع :
- لا سيدي ما قريناهمش!
ولأن زوجة المدرس معلمة وأكدت له أن التلاميذ يتعرضون لأنماط الكتابة سردا ووصفا وحوارا وتوجيها وتفسيرا ،في الخامسة والسادسة ابتدائي فقد جابههم بجملة واحدة تهالك بعدها على كرسيّه:
- قريتوهم أما نسيتوهم ، وربي معاي !!!