من حيث المبدأ أقف مع كل إضراب عمالي للمطالبة بالحقوق الأساسية، أما أن تضرب من أجل أن تتقاسم مع الدولة مداخيل ضرائبي باسم التحفيز، فقط لأنك مكلف بتحصيلها من دمائنا، فهذا لا أقف فيه معك، هل اشترطت على الدولة، حين انتدبتك من بين مئات الآلاف من العاطلين، أن تتقاسم معها ما يدخل إليها من ضرائبنا ؟
ثمة قرابة مليوني تونسي بلا مصدر رزق قار، خارج التأمين الصحي، أربعة ملايين في حالة فقر حقيقي، ثمة أولويات يصبح معها التضامن مع إضراب نقابة المالية شكلا من أشكال الترف القطاعي المخيف، ثمة من يقف على حافة الجوع وأنت تريد منحة نسبية عما تتقبله في عملك من الضرائب المخصصة أصلا لتنمية المناطق الفقيرة ؟ قياسا عليه، هل تقبل أن لا يشتغل أعوان الديوانة إلا بنصيب من المحجوزات ؟
بعدهم أعوان الحرس والشرطة، لم لا للجنود والضباط ؟ ثم قبل ذلك: لم لا يطلب أعوان الستاغ نصيبا من الفاتورة ومعهم أعوان الماء ؟ وهكذا نعود بفكرة الدولة إلى الإقطاعيات القديمة.
لن أتحدث عن إقطاعيات الدولة القارة التي يحصل فيها الموظفون على 18 أجرا شهريا في العام، وقروض ملكية بلا فوائض ومنحا لا تنتهي، يعني "ناس تلعب بفلوس الدولة لعب، وناس لم تجد ما تأكله"، وهي التعريف الأساسي لبداية الفتنة الأهلية،