أشياء شخصية صغيرة عن الكرموس: دبر رأسك مع الكلب

Photo

أغراني صديقي اللدود نور الدين العلوي بالكتابة عن الكرموس الذي فحش علينا سعره حقا حين بلغ عشرة دنانير للكيلو، وأنا قضيت الجزء الأهم من طفولتي لا أعرف الكرموس إلا مسروقا من بساتين العائلة ولم يكن يعني لي شيئا أن تمدني خالتي مثلا بسلة كرموس لكي أوصلها لأمي "حتى إن أكلت نصفها في الطريق"،

يجب أن تسرق الكرموس لكي تعرف لذته الحقيقية ويجب أن يكون هناك كلب شرس يحاصرك تحت الكرموسة، وقتها فقط ستطور غريزة البحث عن الثمرة الأكثر حلاوة، متعة اكتشافها سوداء ضخمة تنحني بثقلها مختبئة بين الأوراق وأنت تحك جسدك بفعل الحساسية للحليب الأبيض للتين.

ومرة استسلمت وأنا في الخامسة والأربعين من العمر لإغراء سرقة الكرموس البرّي من سانية "بوحلوفة" في جبل دشرة نبر الساحرة، خدعتني لذة الكرموس الذائب من طيبته حتى كاد يفتك بي كلبه الذي لا يحب أحدا غيره، التقيته في السوق فطلبت منه أن يقدر ثمن ما أكلته لكي أدفعه له،

قال لي بطريقته المازحة "يعطك فيه الرهج"، إلا أنه أضاف مشجعا: "فيه الشفاء، أرجع للسانية سوف أتظاهر أني لم أرك، الهندي أيضا لا يقاوم، لكن دبر رأسك مع الكلب". كتب لي أحد الأصدقاء هنا: "تعال إلى دجبة، سوف نتفق: أنت تسرق الكرموس وأنا أتظاهر أني لم أرك، المشكل الوحيد أنه لا يمكن إدخال الكلب في هذا الاتفاق كما تعلم"،

وأنا أرى أن الكلب الوحيد الذي بقي في حكاية الكرموس هم السماسرة والقشارة الذي يضاعفون سعره ويعضوننا إلى حد الألم، حين تصبح كعبة الكرموس بدينار، إنها أشياء صغيرة، لكنها كم تعطي معنى للحياة،

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات