في باب جبر الضرر للضحايا : ذلك الصمت الجماعي الخائن الذي يأكل الحقوق مثل الدود

Photo

نجاح تسميم وعي الشعب التونسي

اختزال عملية جبر الضررين المعنوي والأدبي لضحايا الدولة التونسية في "التعويض من مال الشعب المسكين للخوانجية وجماعة ماء الفرق وتفجير النزل" هي من لغة نظام بن علي وإعلامه في تشويه خصومه الحقيقيين وراء أعداء يصنعهم بنفسه، وهي عبارة مبنية على جملة من المغالطات السخيفة والأكاذيب التاريخية، وأكبر دليل تجريبي إكلينيكي على نجاح عملية تسميم وعي الشعب التونسي بالأكاذيب بعمق لم يحلم به جوزيف غوبلز في حياته،

أكبر دليل على هذا التسمم: حامل شهادة أستاذية نجح في حشر اسمه في الوظيفة العمومية بحجة الفرز الأمني، يكرر أن النهضة منحت تعويضا لجماعتها 12 مليارا من الدنانير وانتدبت منهم 150 ألفا في الوظيفة العمومية، ويصرخ باكيا: "بكم كيلو النضال ؟"

في عيد الميلاد المفترض للشهيد زهير اليحياوي:

• لولا وحشية نظام بن علي، لكان البطل زهير اليحياوي اليوم قد بلغ من العمر 47 عاما، ولا شك أنه ستكون له زوجة تقتل نفسها لأجله وأبناء يرثون عنه حب الحرية، وأم تحرس أحفادها وهي تنسج لهم جوارب من الصوف.

• أنا مدين: للفاضلة نزيهة رجيبة، حين قرأت لها هذا الصباح مقالا جاء فيه: "صباح الخير لروحك يا زهير اليحياوي، يا ابني الّذي لم ألده، صباح الخير لأصدقائك ومحبّيك"، لا هي ولدت زهير اليحياوي، ولا أنا كنت أخاه، لكنه اتخذ مكانه في قلوب محبي الحرية في تونس وخارجها، يظل المجد للشهداء والخزي للقتلة،

• ماذا لو: كان نظام بن علي مجردا من القوادين ؟ ماذا لو قرر القضاة (التونسيون طبعا) يوم 10 جويلية 2002 أن يحكموا ببراءة زهير اليحياوي مما نسب إليه وهم يعرفون أنه ظلم؟ وماذا لو قرر مدير السجن وقتها (التونسي تماما)، من باب الاحترام الأدنى للحقوق الإنسانية أن يمكن زهير من العلاج، خصوصا من مخلفات التعذيب المنهجي الذي تعرض له والذي أدى إلى وفاته ؟

• من باب الأمانة: أي شيء احتاج له الجنرال بن علي لكي يقيم المنظومة التي قتلت زهير اليحياوي ؟ لم يأت بجلادين من الخارج، ولا قتلة مرتزقة، كل ما احتاج له هو ذلك الصمت الجماعي الخائن الذي يأكل الحقوق مثل الدود، بحجة أن ذلك يحدث للآخرين فقط، ليس لدي شك أن القاضي الذي حكم بالسجن عامين على زهير، هو رجل سعيد ليس له ما يستحق تأنيب الضمير،

• للتوضيح: الذين شاركوا في قتل زهير اليحياوي، كلهم كانوا تونسيين، لهم أبناء وأحلام شرعية، تبكيهم أغاني الحب، يسمعون أغاني الشيخ إمام عن السجن، مارسيل خليفة عن الحرية، يحفظون أشعار محمود درويش عن خبز الأم وقهوتها ومظفر نواب عن نذالة الحاكم العربي، ورغم ذلك قتلوا زهير اليحياوي، كما قتلوا غيره، وما يزالون هنا، الآن، ولا أستبعد أن يكرروها،

• ملاحظة أخيرة: عندما ناضل زهير اليحياوي من أجل الحرية واحترام حقوق الإنسان، كانت أغلب النخب الإعلامية غارقة في زواج المتعة مع النظام، تنعم بخيرات سيدي الجنرال الرئيس من الملك العام مقابل العبودية: شتم المعارضة مجانا ومدح سيدي الجنرال بمقابل، لذلك أطلق زهير سؤاله الحائر: "هل تونس جمهورية أم مملكة أم حديقة حيوانات أم سجن؟"،

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات