في الخروج من أحبولة أحباب الله

Photo

على عكس كتاب "أحباب الله"، لم تحظ روايتي "كاليتيم... على آخر بيت مضاء" عند نشرها بشيء من الإخبار، كانت قد ولدت تحت برج النحس وكان عليها أن تنتظر أياما أفضل، وأعتقد أن تسوية الخلاف مع الناشر سيمنحها شيئا مما تستحقه في انتظار معرض الكتاب القادم،

على أنه عليها في كل الحالات أن تدافع عن نفسها بنفسها، وبعد حوالي خمس سنوات من أحباب الله، اعتقد أصدقائي أن كتابي الأول كان مثل بيضة الديك، "كان أكبر حزنا وإنسانية من أن تكتب غيره" كما قال لي صديق مقرب، رغم أني أكتب كثيرا، عندي أكثر من خمس روايات، كلما تحتاجه هو ناشر حقيقي: أنا أكتب قصصا حقيقية بقلبي وهو لا يدخر جهدا في توفيرها للناس،

في الأصل، كانت مادة هذه الرواية سيناريو لمشروع عمل صحفي استقصائي حول نشوء الإرهاب في غرب ولاية الكاف وما حوله من البؤر المحاطة بالغموض والتساؤلات المجهضة بالأجوبة الجاهزة والمعلبة، لكني اصطدمت بحقيقة أن أغلب المادة الصحفية التي جمعتها، هي شهادات شفوية بلا أي إثبات،

لقد أتاحت لي ظروف القرب العائلي مع الفاعلين في تلك الأحداث أن أستمع إلى عشرات الروايات، لأجد نفسي في مواجهة سردية حزينة، عميقة ودرامية أكثر منها عملا مهنيا يمكن إخضاعه لصرامة التقصي الصحفي، قصص إنسانية تستعصي على التصنيف المهني الصارم للصحافة.

وقبل أن ينفذ صبري على القصة الصحفية أو الاستقصاء انفتح لي باب النجدة من الرواية: إنها الصيغة الفنية التي تتيح لي سرد رؤيتي لما حدث هناك دون أية مسؤولية مهنية، محتميا بالخيال، وفي الأثناء، كنت قد وقعت في الأحبولة المتحركة لك,تاب أحباب الله، كتبت أشياء كثيرة في السياق نفسه: الشهادة على هذا العالم، لكن خيبات النشر في بر تونس تدفع أفضل الكتاب إلى اعتزال الكتابة،

لست هنا بصدد الدفاع عن رواية "كاليتيم على آخر بيت مضاء" ولن أفعلها، إنما فقط بحثا عن منفذ شرعي لها، لاعتقادي أنها لم تحظ بحقها في الإخبار بوجودها، في مجتمع أدبي احتكرته مافيا منظمة للكتابة من أجل الجوائز والمكافآت وشراءات ووزارة الثقافة،

حتى أني دعوت يوما إلى إنشاء مليشيا من الكتاب الفلاقة، المارقين عن منظومة الجوائز وشراءات الدولة وخمس مئة نسخة منها خمسون نسخة للمؤلف لكي يبيعها في الحانات تعويضا عن حقوق التأليف، يا للأسى،

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات