ثمة فارق إنساني صارخ في علاقة إدارة الدولة بمنظوريها من المواطنين وغيرهم: في جويلية 2003 نزلت في مطار مونبيليي الفرنسي للحصول على وثائق وأموال الفوز بمناظرة فرنسية لتكوين مصممي مواقع الأنترنيت الإخبارية التفاعلية والسفر إلى مدينة نيم حيث مركز التعليم، صدمت بإضراب سواق الحافلات،
أسقط في يدي وقلت إني سأبيت في المطار والغد سبت والإدارات مغلقة حتى نودي على اسمي، فوجدت سائق تاكسي في انتظاري، ثم موظفة فرنسية رائعة الثقافة والأخلاق هي التي أرسلت التاكسي، تحلم بأن تراها في أي مكان تذهب إليه "واحدة من حوريات الوظيفة العمومية" على الأرض،
كانت تنتظرني لكي تعتذر لي عن اضطراب حركة الطيران من باريس إلى مونبيليي وعن إضراب سواق الحافلات الذي عليها أن تتحمل هي وإدارتها مسؤوليته، لذلك بقيت في انتظاري وحيدة في ظلام المبنى حتى السادسة مساء، فيما كان زوجها وأبناؤها ينتظرونها في السيارة العائلية للرحيل في عطلة الصيف التي أعدوا لها منذ ثلاثة أشهر،
خلفت لي إحساسا بالذنب حتى قالت لي: "أنا هي المستعجلة ولست أنت، وهذا ليس ذنبك، لا تستعجل، تثبت في أوراقك وأموالك جيدا"، الأهم من كل ذلك عبارة "من فضلك سيدي"،
حسنا، لن أتحدث عن اعتداء موظف بالبريد بالعنف على حريف، بل عن مبررات غياب الموظف "إلي لاهي بالملف" في العمرة، لا عنده عرس أخته، مريض منذ خمسة أسابيع، سبحان الله، مشى ياكل في حاجة، باهي مشى يصلي الظهر حاضر،
أو ذلك الموظف الذي جاءنا ونحن صف في طول نهر الميسيسبي وهو يمسح فمه بأوراق إدارية قائلا: "ما يقص على الطعام كان ولد الحرام، الواحد ما عادش ياكل لقمة في راحة"، ولن أتحدث عن عشرة شبابيك خدمة ليس فيها سوى ثلاثة موظفين، البقية ؟ في المقهى، في السانية، في خدمة أخرى ؟
باهي وإذا جاء، يقول لك: الملف الكل ناقص تعريف بالإمضاء، باهي شفت الورقة هاذي ؟ هزها لإدارة اللفيف الأجنبي ثم إلى الأمم المتحدة لكي تثبت أنك أنت فعلا، ومن بعد أرجعلي، جرب أن تناقشه ؟