ما قاله "شوشو" في كل الحالات شديد الخطورة: إن كان يكذب، فهي مصيبة متقاسمة بينه وبين من استمع إليه، إذ نتعلم في الصحافة طلب الأدلة على أي إدعاء، الرجل قال إن عنده أدلة ومقاطع فيديو، "هات نشوفوها"،
كان يمكن محاصرته بالأسئلة ومقارنة ما يقوله بتواريخ الأحداث وأماكنها ومقاطعتها مع معلومات أخرى والبحث عن أي تناقض مع الواقع، وهذا لم يحدث فبقي كلامه الخطير معلقا في الهواء، أما إن كان كلامه صحيحا فهي كارثة وطنية تتطلب الدعوة فورا إلى اجتماع مجلس الوزراء للتباحث في أسباب التقصير في التعاطي مع هذه الأحداث، وإلى اجتماع مجلس الأمن الوطني لتعلقه فعلا بالأمن الوطني، وإلى جلسة عامة عاجلة في مجلس النواب لمساءلة وزير الداخلية،
نأتي الآن إلى أهم شيء: الدولة التونسية تمتلك على الأقل ثلاثة أجهزة مخابرات في الأمن والحرس والجيش، ويفترض أنها تعرف كل شيء عن أي شيء، ولا يمكن لها أن تظهر المفاجأة بمثل هذه الحكاية، سواء كانت صحيحة أم وهمية،
المشكل أن الناس عندها صعوبة في تكذيب الحكاية أو حتى التشكيك فيها لأنها تأتي وسط أحداث فضائحية من الفساد، ولأن الفساد والتبوريب يعترض الناس في الطريق العام يمشي علنا ويظهر في وسائل الإعلام واثقا من نفسه فخورا إلى درجة الغرور، متحالفا مع السياسيين وساخرا من الدولة والقضاء،