أنا من الأول، شممتها قارصة، معركة غير متكافئة بين من هي مشغشبة يوميا منذ ما قبل الفجر على خبزة الأطفال، تتساءل عن التنازلات الجديدة التي عليها أن تقدمها للحفاظ على الحد الادنى لكي "تشهق فلا تلحق"، وبين من تستيقظ منتصف النهار، تتكسل وتتمطى في فراشها، تتفقد تعاليق المجاملات على صفحتها: "كانت ليلة خرافية البارحة"، لكن، الأنذال: فقط 250 إعجاب رغم ما أنفقته عليهم ؟،
تطل عل البحر من بيتها، تصور قهوتها والحلويات الفاخرة، لكنها لا تنال رضاها في النهاية فتفضل عليها صورا من رحلات سابقة في المالديف، تنسخ أربعة سطور من شعر درويش عن القهوة، نصوصا مقتطعة عن نوال السعداوي، ثم تتذكر سيارتها الحديثة "ذلك النذل الحارس لن يغسلها اليوم"،
الآن: لنتحدث عن وجاهة المساواة في الإرث، لا أفهمها إلا في هذه المقارنة،
طمع الكبار أجج طمع الصغار
عام إصلاحية لطفلين طمعا في "بو عايلة" في باب دزيرة، الأول حطم أسنانه والثاني طعنه بسكين في بطنه ويديه، الحصيلة: سبعة دنانير حقيرة، أساسا أقل من ثمن ضمادة "تهلولة" في الإصبع فما بالك بأضرار الطعنة في الأمعاء أو سقوط الأسنان،
لا أحد يسأل الضحايا عن الاضرار النفسية للضحية والناس: جرأة الاطفال على أباء العائلات الكادحينن، ومن أجل سبعة دنانير، أقل من ثمن قهوة في البحيرة،
وعلى ذكر البحيرة، فهناك تعقد صفقات الظلام لتكسير الأسنان والطعن في البطن وتحته والتي لا تختلف عن جرائم "صباط الظلام" حين يتم استدراج خصوم بورقيبة وآخرين كثيرين مشوا في عفس حروب السلطة ظلما،
اليوم، حتى "بو العايلة" الذي يمشي مع الحائط بعيدا عن السياسة لم يعد آمنا، لكن حروب البحيرة لم تعد من أجل السلطة بل من أجل نهب أكثر ما أمكن قبل غرق السفينة وهروب الفئران، هنا: لا أهمية لمن فقد أسنانه أو حياته في الطريق العام لغياب الأمن في مهام أخرى، المهم حماية من ساقه في ركاب فرس السلطة في مقاهي البحيرة،
وما دمنا بصدد "جماعة البحيرة"، فإن الطمع والجرأة هناك تتجاوز حدود خيال الطفلين المنحرفين من حيث القيمة، لكن مقترفيها لن يذهبوا إلى الإصلاحية بل إلى السلطة، المشترك الوحيد هو الطمع والجرأة على القانون والاعتقاد الراسخ في عدم وجود سلطة وقانون للمحاسبة، وفي تفاهة المحاسبة للطفلين ولمنحرفي البحيرة، "أش فيها عام إصلاحية ؟"، هي كلها مسألة جرأة،