عن ساعة تحت ضوء البلدية لنزع أشواك الهندي

Photo

كان عمري حوالي 15 عاما حين أغراني صديق مقامر بأن أفضل طريقة لنيل إعجاب بنات أقاربنا المقيمين بالخارج هي أن نقترف الخوارق في زردة الأولياء الثلاثة في دشرة نبر،

ترتبط قرية دشرة نبر في ذاكرتي بالسوق الأسبوعية والحلوى الملونة والزردة التي يجتمع فيها أتباع ثلاثة أولياء، يهمني فيها شيئان: غرامي بأعاجيب وخوارق "المدبية" والدروايش من ضرب مشط الصوف (15 سم من الحديد) في بطونهم ولعق مناجل الحصاد المتلهبة من النار إلى التمرغ على ضلف الهندي ذي الأشواك، وذهول بنات المهاجرين الجميلات بالغات الأناقة والحسن بتلك الخوراق،

حسنا: نحن لا طاقة لنا بدق المشط ولا لعق الحديد الناري، الأسهل هي أن نفعل مثل كثيرين من أبناء الأسرة: أن ندفع (وقتها) مائتي مليم إلى شاوش الحضرة، يقول لنا سرا في الأذن يعطينا حصانة ضد الألم والنار وأشواك الهندي ويفترض أن تتكفل الموسيقى الإنسانية لعزيف الناي والدفوف بالباقي أي التخمر،

لا أذكر أني سمعت شيئا وسط الضجيج مقابل المائتي مليم التين تشبهان أربعة دنانير اليوم، لكن أحدا شريرا دفعني إلى الساحة، وقد دارت بي الدنيا حقا وبدا لي أن أفضل ما أفعله هو أن أتظاهر بالتخمر عاقدا يدي ورائي ملوحا برأسي في كل اتجاه حتى رأيت "شاوش الحضرة" يلوح بكل قواه بأضلاف هندي مشوكة ويضرب بها صديقي المتخمر على جنبه،

لكن عواء الألم ضاع في أصوات الدفوف والضجيج العام، ثم لوح الرجل تجاهي بما بقي من ضلف الهندي، رأيت صديقي المقامر مهزوما يعوج من الألم فلجأت إلى غريزة حب البقاء، الوحيدة التي لم تخنني أبدا، وبحثت بين صفوف الجمهور المتحمس عن منفذ للهرب،

حسنا، لقد قضينا أكثر من ساعة لتنحية الشوك في الليل تحت ضوء البلدية، توقف صديقي المقامر عن الدراسة وأصبح مهاجرا ثريا وله بنات بالغات الحسن والأناقة من امرأة سويدية حيث هاجر، ودخلت أنا السجن في وقت مبكر، ثم محاولا أن أكون في وقت لا يحب الكتابة أن أكون كاتبا، وبقيت هذه الذكريات التي استحضرتها بمناسبة الإعلان عن زردة الدشرة،

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات