أنا ما مازلت مكبش في مسؤولية وزارة الداخلية على تفشي السلوك الإجرامي والهمجي، وما زلت أعتبر القبض على مجرم مطلوب في 70 منشور تفتيش في دورية تفتيش روتينية فضيحة دستورية تتطلب المساءلة أمام مجلس النواب: "لماذا أهملتم أمره حتى اقترف 70 جريمة ؟"،
إنما أنا أكتب هذا حتى لا أفقد قدرتي على المقاومة ورفض الوضع الخاطئ وأنا أرى الحملة الأمنية على إباندية الشواطئ والمأوي في حلق الوادي أو الحمامات أو غيرها متأكدا أن الحملة لا تزال في مرحلة الفلكلور، طالما وزارة الداخلية تفتخر بإيقاف منحرف اقترف عشرات الجرائم الخطيرة صدفة.
أتذكر مشهدا صادما، رأيته من بلور مبنى الإذاعة الوطنية في شارع الحرية بعد أيام قليلة من تفجير حافلة الأمن الرئاسي في شارع محمد الخامس (كنا تحت مفعول قانون الطوارئ): رأيت واحدا من القُطعية يقود سيارته في الاتجاه المعاكس المحجّر وأجبر بقية السيارات على التوقف لكي يمضي حتى اصطدم بواحدة من سيارات "مقاومة الإرهاب"، سوداء مرعبة وضخمة وفيها رجال ملثمون ومسلحون حتى أسنانهم ويفترض أن الدجاج الأسود دائر بهم ، قالك "حتى ربي لا يعرفونه في الخدمة"،
توقعت وتمنيت أن ينزلوا إليه ويحملونه "زقفونه" إلى بوشوشة مع سيارته، حيث عليه أن يروي قصة حياته بما فيها أول مرة تحدى فيها القانون والدولة، لكن الجماعة تفاوضوا معه بتفهم غريب وتسامح خرافي مع الإجرام اليومي، "وخر شوية وعاود أرجع على اليسار"،
هم تراجعوا شوية بسيارة الدولة )الجيروفار يدور في الأحمر والناس تنتظر)، لكي يجد الرجل في النهاية منفذا في الاتجاه الممنوع، ومروا، وتركوه يقاتل ظلما سواق سيارات أخرى، ولا أحد قال له حتى كلمة عيب، لقد انتهت الدولة وقتها، قال الجريدي مرة "أنا مشيني عا يغيظني التمر، أنا غايضني الجماعة طلوا على قرعتك"،
أنا ما يغيظني هو أن يعود الإباندية سريعا إلى اكتساح الشاطئ واستفزاز المواطنين الذين يعولون على الدولة: "بره للحاكم خلي ينفعك توه ؟"،