لنصبح جميعا هباطة

Photo

من الكلمات المعبرة في الثقافة الشعبية، يقال لك: "واحد هبط حاجة"، وإذا أشار بكلتا يديه إلى شيء كبير، فإن الحاجة تعني 10 حاويات فواكه جافة لعيد المولد بخمسة مليارات من المليمات مثلا دون أن يدفع الضرائب المستحقة، وهذا عادي في ثقافة الهباطة، حيث لا يقال لك أبدا إن واحدا "طلّع حاجة"، لأن اللغة والصورة تقوم على الهبوط من أعلى فقط، حيث نحن في الدرك الأسفل للاستثمار ولقيمة العملة ولقيمة العمل،

لأن "رياضة التهبيط" هي ضد مبادئ الاقتصاد والوطنية أصلا، ورغم ذلك فقد سرق الجماعة صورة الهبوط نحو الداخل، حيث الهباط في السوق مثلا، أهم من الفلاح المنتج وأهم من وزير الفلاحة نفسه، لأنه داخل في الربح خارج من الخسارة لأنه يستثمر في الهبوط،

وقديما، في بداية هبوطنا، كان يقال: "فلان هبط كرهبة"، أما اليوم فإن السيارات ذات 250 مليون تهبط وحدها لكي تتخذ بلاكة "ن ت" تماما مثل حاويات الفواكه الجافة والتبغ الصيني والملابس التركية، وقديما كان يقال: "فلان هبط من فرانسا" على أساس الإقرار بأنها أعلى منا إلى درجة الهبوط أو: "فلان هبطوه expulsé"،

وبين من هبطوه قسرا ومن هبط 10 حاويات فارق كبير، لكن الفارق الأصعب على القلب يحس به من يحاول أن يهبط آلة لصناعة الثروة أو لأشياء يتم رفعها نحو الأعلى، أو يهبط حتى بطريقة افتراضية، شيئا يصلح للعلم والإنتاج، فسوف يرى شنعة تاريخية من الإجراءات والأوراق والوثائق والضرائب، لذلك لنفكر جميعا في أن نصبح هباطة، الرزق هناك وفير،

دولة الإدارة تدافع عن نفسها

"زعمة زعمة"، في المجلس الوزاري الأخير، قررت دولة الإدارة التخلي عن 60% من الحالات المستوجبة للتعريف بالإمضاء والنسخ المطابقة للأصل، غير أن الدولة نفسها سوف تحتاج إلى الكثير من النسخ المطابقة للأصل والتعريف بالإمضاء لتطبيق هذا القرار الخرافي بعد ثلاثة أعوام على الأقل،

وفي دولة أستونيا الفقيرة تم الاستغناء نهائيا عن الأوراق الحكومية، أما في بريطانيا العظمى فقد اعتبر مجلس اللوردات في 1982 أن بطاقة التعريف الشخصية وثيقة غير دستورية تمس بحقوق الفرد إزاء الدولة، وفي الولايات المتحدة لا يوجد شيء اسمه بطاقة التعريف أصلا،

فما بالك بنسخة منها معرّفة في مركز الشرطة كما كان يحدث لنا، وقد أتيح لي أن أتعامل مرارا مع الإدارات في الدول الأوروبية دون أن يطلب مني أحد نسخة مطابقة للأصل من أي شيء أو أن أعرف بإمضائي أصلا، يا راجل ؟ تي أنا عشت ذلك الزمن الذي تطلب فيه الدولة منك وثيقة اسمها "شهادة الحياة"،

سي مبروك كورشيد

بعد أن امتنع سي مبروك كورشيد، وزير أملاك الدولة السابق عن التعليق عن إقالته من الوزارة وتمسك بواجب التحفظ، اختار موقع جريدته الالكترونية لينشر مقالا طويلا تحت عنوان "أسرار وخفايا إعفاء مبروك كورشيد: عندما يدفع الرجل ضريبة النجاح"، وبما أنه لا أحد يمدح العروسة مثل أمها، فإن هذا المقال كان، من الناحية الصناعية من أسوأ ما يمكن كتابته في مديح السيد الوزير السابق،

خصوصا وأنه لم يجبنا على السؤال الحقيقي والوحيد: بعد أن غادر الحكومة، هل ينوي السيد مبروك كورشيد العودة إلى الدعوى التي رفعها باسم اليوسفيين ضد السيد الباجي قايد السبسي بصفته وشخصه،

لم يزعجني المقال غير المهني، أزعجني قبول إشهار تبشيري في الصفحة للتمعش المالي، يفترض أن التبشير للمسيحية عمل سيء في تونس، خصوصا إذا كان بمقابل،

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات