عجز التونسيون عن تغييره: في حرب الشعب ضد التعريف بالإمضاء !!!

Photo

صديق جامعي محاضر ومسؤول في حالة اكتئاب حاد عميق بعد أن قضى ساعتين ونصفا في انتظار دوره في صف التعريف بالإمضاء الرهيب، بسؤال وجودي: "هل يعجز التونسيون عن اختراع شيء أقل عذابا من التعريف بالإمضاء ؟"،

وحدثني جراح شهير في شارل نيكول كيف أنه تنازل أربع مرات عن مكانه في الصف بعد أكثر من ساعة من انتظار التعريف بالإمضاء، قال ساخرا: "ساعة عمل لرجل مثلي تساوي 500 دينار لي و500 دينار للمصحة"، في النهاية دفع عشرة دنانير فقط رشوة لموظف مقابل "التعريف بالإمضاء" دون أن يراه،

وأنا عشت مرة في فرع بلدي عركة بالبونية وتمزيق الملابس بين مواطنين قضوا أكثر من ساعة من الانتظار وعسكريين يعتقدون أن لهم الأولوية في التعريف بالإمضاء، وكان ثمة واحد سلفي يعتقد أنها بدعة "لعن الله من ابتدعها وعمل بها إلى يوم القيامة"، ولم يكن ينقصنا سوى إعلان الجهاد، لأن كل المبررات متوفرة،

نحن، مملكة التعريف بالإمضاء الأقل أمنا في العالم، لا نصدق أن الولايات المتحدة الأمريكية الكافرة بالوطنية التي تعد 323 مليون ساكن، ليس فيها تعريف بالإمضاء ولا حتى بطاقة التعريف الوطنية، ولا نذكر أن محاولة مارغريت تاتشر حاكمة بريطانيا في اقتراح بطاقة تعريف اختيارية للشعب البريطاني باءت بأكبر نسبة رفض لدى الشعب البريطاني بمحافظيه وعماله،

لكن أمريكا وبريطانيا هما الأكثر وثوقية في الوثائق الإدارية والقانونية، الجيل الجديد لا يعرف أن جيل الستينات والسبعينات كان يقف في الصف للحصول على شيء غير متوقع اسمه "شهادة حياة"، وأن قصة الدولة التونسية يمكن اختزالها في حرب الشعب التاريخية ضد الإدارة، ضد البيروقراطية وعقلية الفرامانات التركية، والمناشير والقوانين المتضاربة ووضعية "المدام في كونجي، تولد، إلي يصحح مش هنا، إلى عندوا لدوسي خرج ياكل في حاجة، والله لتوه لا جاء الدوسي عنده ستة أشهر نستنوا فيه، برا توه نكلموك، مزال يبطى"،

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات