ثمة حنش كان مختفيا تحت الحجارة في الأماكن المهجورة، انفلت بعد الثورة اسمه احتقار المكون العربي الإسلامي والتنصل منه بحجة أنه سبب كل الكوارث والخيبات التي تحصل لنا: "نحن بربر أمازيغ شرفاء، أما العرب، جماعة بول البعير وشيوخ النكاح فهم غزاة قتلة".
عام 1923 فكر الاستعمار الفرنسي في الاستثمار في المسألة العرقية لتفكيك المقاومة الجزائرية واختراع صراع بربري عربي فأرسل عشرات العلماء إلى الجزائر الشقيقة وذلك لتكسير عنق كتاب المؤرخ الروماني ساليست Salluste صديق يليوس قيصر، عن مملكة نوميديا التي لا أحد يعرف على وجه الدقة عاصمتها، كثيرون يقولون أنها مدينة الكاف والدليل مائدة الملك النوميدي يوغرطة عل مرأى البصر ونهر ملاق الذي يسميه سالسيت نهر مالوكا،
الفرنسيون أغروا الجزائريين بأن عاصمة نوميديا هي قسنطينة، وأنه يمكن استعادة أمجاد المملكة البربرية بشرط أن تكون "حليفة لفرنسا وضد العرب عرقا وثقافة ودينا"، أنفقت أموال كثيرة وجهود علمية لتزييف التاريخ والحاضر، لكن الجزائريين رفضوا العرض رغم أن العرق العربي لا يمثل سوى خمسة بالمائة من سكان شرق الجزائر.
في الأوقات الصعبة والأزمات يشك الضعفاء حتى في الثوابت المؤسسة لعالمهم تحت إلحاح الأسئلة المزعجة "لماذا نحن منهزمون"، لقد أجاب اليابانيون على هذا السؤال بالعودة إلى قيمهم مثل النزاهة والجدية في العمل والوفاء والثقة والدقة، عاد الألمان إلى عقائدهم بصفتهم شعبا مجالدا مقاتلا يتميز بالقوة والدقة، أما نحن فقد ظهر لنا الحنش السام الذي يستثمر في أزمات الهزيمة والشك: السبب هم العرب ثقافة وعرقا ودينا: "نحن لسنا عربا، نحن البربر، علامة الشهامة والبطولة، عيون أطفالنا زرقاء تشبه الأوروبيين"، أما العرب فهم الشر المطلق تاريخيا،
على عجل يصنع الحنش صورا نمطية مزيفة: شيوخ النكاح، بول البعير، تعدد الزوجات والجواري والغلمان، رضاعة الصديق، يروجون نصوصا مضحكة عن أصول بربرية لكلمات أغلبها عربي أو إسباني، ثم سريعا ما تكتشف أن الحنش وأصدقاؤه يزورون إسرائيل أو يلتقون معها بين الحين والأخر في ما يجمع الشعوب المضطهدة،
يتلقون أموالا طائلة تماما كما فعلت فرنسا عام 1923 في الجزائر، المشكل الوحيد أن الحنش السام لم يضع ترتيبات لما بعد التدمير الذاتي: "هل نعتبر 14 قرنا من الشعر والأدب ثقافة غازية معادية ؟ طالما أن أحدهم بلغ به الإعجاب بالحنش حد مراجعة كتب التاريخ المدرسي لاعتبار عقبة بن نافع غازيا قاتلا ؟"