لا يخفى على من له دراية بالتّاريخ أنّ أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه وأرضاه- قد وصل إلى فلسطين في 13 رمضان من سنة 15 هجريّة (18أكتوبر من سنة 636 ميلاديّة) لتَسلُّم مفاتيح مدينة القدس وتأمين المسيحيّين على أرواحهم وشعائرهم الدّينيّة بعد حصار دام أربعة أشهر قاده حاكم الشّام، حيث عرض بطريرك القدس صفرونيوسْ استسلامَ المدينة التي حاصرها المسلمون ودفْعَ الجزية بشرط أن يحضر الخليفةُ إلى القدس للتّوقيع على اتّفاقٍ وقبولِ الاستسلام.
كما لا يخفى أنّ الفاروق القادم من الحجاز كان يتبادل ركوب الدّابّة الوحيدة مع خادمه المرافق حتّى دخل المدينة راجلا احتراما منه لنظام التّداول دون عُقدة أو هَيبة كاذبة أو خجَل زائف…
ذكّرني هذه الحادثةَ التّاريخيّةَ التي يجب أن تدرَّس في الجامعات مُفيتيحُ محمود عبّاس أبي مازن المستقرُّ في غاية الاطمئنان على يسار بُدلته الأنيقة، فتخيّلتُ هذا الحاكمَ الوطنيَّ حتّى النّخاع يرافق مستشاره العفويّ المحترق من أجل القضيّة محمّد دحلان بهذا المفتاح المتقزّم بفعل ما مرّ عليه من قرون يركبان سيّارةً فارهةً مهداةً من حاكم الإمارات مثالا لا حصرا، ثمّ ينطلقان في غاية ما عُرِفا به من حماس (لا أقصد تلك الجماعة المارقة المتمرّدة التي حان وقت نزع سلاحها الذي ضيّع الحقّ الفلسطينيّ وأرهق الجارَ الإسرائيليّ الوديع المسالم !) ليستعيدا بيتَ المقدس المتهوِّدَ من قبضة بني صهيون ثمّ يعودان فاتحيْن عظيميْن ترفعهما أكتاف عُتاة الشّعب الفلسطينيّ في غزّةَ التي عملتْ لهذا الإنجاز التّاريخيّ الذي انتظرته أجيالٌ مديدةٌ كلَّ آلة.
من يستبعد تخيّلي هذا فلا يَمرّنَّ بهذا النّصّ، وإن فعل وأصابه بذلك مكروه صحّيّ فلستُ مسؤولا عنه... وقد أُعذِر من أَنذَر !