نظّمت جمعيّة النّساء الديمقراطيات سنة 2004 تقريبا ندوة لتقديم شهادات عن السجينات السياسيّات حضرتها الأستاذة سهام بن سدرين بعد إطلاق سراحها من سجن منوبة بعد اعتقالها بسبب رسالتها للشباب التونسي ، في تلك الندوة لم تتبنّى الجمعيّة عرض شهادات عن السجينات الإسلاميّات إمّا بسبب عدم تقديم ملفاتهنّ للجمعية أو باعتبار أنّ المحجّبة مستلبة و خاضعة و لا يمكن أن تكون حاملة لقضيّة " وقع التعبير عن هذه الأفكار صراحة في النّدوة ".
في ذلك الوقت قدّمت الأستاذة نورة البورصالي مداخلة متميّزة عن السجينات الإسلاميّات و ما تعرّضن له من انتهاكات بعد بحث اشتغلت عليه من خلال التواصل مع المساجين ، كنت حاضرا في الندوة و قدّمتُ مداخلة في نفس السياق ، أذكر أنّ مداخلة الأستاذة نورة البورصالي التي قدّمتها بصفتها الشخصيّة كما أشارت في مقدمتها لم تكن محلّ رضى من طرف بعض الحاضرات من زميلاتها في الجمعيّة و كان ذلك شجاعة منها و كانت تعبّر عن نفس الموقف من الانتهاكات التي تعرّض لها نساء إسلاميات أو محجّبات في لجنة المرأة بالفرع التونسي لمنظمة العفو الدّولي.
في ما يخصّ تدوينتها عن اختزال شهادات جلسة الهيئة عن انتهاكات حقوق النّساء الهيئة في الانتهاكات المتعلّقة بالحجاب و بالمحجّبات و اعتبارها ذلك نوعا من التوظيف لصالح حزب سياسي فيصحّ بل يجب أن يُدَان في حالة واحدة و هي أن تكون هناك ملفّات قدمها فئات من النّساء عن أشكال أخرى من الانتهاكات و مع ذلك وقع إقصاؤهنّ و تغييب معاناتهنّ قصدا ، لأنّ الهيئة ليست جمعية حقوقية بل مؤسّسة ينظمها قانون و تراتيب لا يمكن تجاوزها حيث لا يحقّ لها تبنّي وضعيّة ليس فيها ملفّ و ضحيّة وقع الاستماع لها علما و أنّ الهيئة مدّدت في آجال تقديم الملفات بما يكفي لكلّ الضحايات من تقديم ملفاتهم ،
ثمّ حجم الضحايا اللاتي شملهنّ المنشور 108 على امتداد الحقبة البورقيبية و البنعلية يقدّر بمئات الآلاف و هي انتهاكات متعدّدة و متفاوتة من مجرّد الإجبار على نزع الحجاب إلى الطرد من العمل و الدراسة و المناظرات و المستشفيات و المؤسسات العموميّة بل و الملاحقة في الشوارع ، لذلك هو انتهاك جامع لعدد كبير من الانتهاكات و تخصيص شهادة أو اثنتين هو أقلّ شكل من أشكال الانصاف و الاعتراف بهذه المظلمة التي بقيت تلاحق فئات واسعة من النساء التّونسيات ، …….