تساءلت لماذا اختار منظمو تظاهرة "موش بالسّيف" أن يكون احتجاجهم أمام وزارة السّياحة ؟
كان يفترض أن تكون أمام وزارة الدّاخليّة التي طبّقت التّراتيب المتعلّقة بتنظيم الفضاءات المخوّل فتحها أيّام رمضان ، أو أمام البرلمان وهو المجلس التشريعي المخوّل لسنّ قوانين في هذا الاتّجاه أو ذاك ، أو كذلك أمام وزارة الشّؤون الدينيّة لمطالبتها بتطبيق بند حريّة الضّمير والمعتقد وآية لا إكراه في الدّين ووضعها أمام مسؤولياتها.
لكن اختيار وزارة السياحة كلّما طرحت هذه القضيّة له دلالات تحتاج نظرا وتحليلا مفتوحا على عدّة تأويلات،
هل هي مطالبة بالمساواة بين الفضاءات السياحيّة وغيرها من الفضاءات التي لا تخوّل التراتيب القانونيّة فتحها ، وهو تأويل ضعيف لأنّ وزارة السياحة غير مخوّلة لذلك ؟ أم هي مطالبة بالمعاملة مثل السيّاح لرفع الحرج ؟ أو ربّما هي رسالة إلى الخارج من واجهة الوزارة التي تتواصل مع ضيوف تونس من دول العالم ؟
في كلّ الحالات ومهما كانت التّأويلات فإنّ هذه التّظاهرة السنويّة أصبحت جزءً من الفلكلور الثقافي السياحي التّونسي ولازمة من لوازم المشهد الفسيفسائي للديمقراطيّة التونسيّة.
هذا الاحتجاج المشهدي مهما حاول الضّغط على السّلطات العامّة لإعادة توزيع المجال وتنظيم الفضاءات العامّة والخاصّة بقوّة القانون لن ينجح في اختراق الضّمير الجمعي الذي لا يصادر حقّ النّاس في ممارسة ما يعبّر عن قناعاتهم، ولكن لا يستسيغ زحف الفضاء الخاصّ على الفضاء العامّ.