يجب أن نحرر ديننا من هذه المؤسّسات والرموز التي تغرقنا في التفاصيل، والتي تجعل قصارى جهدها التخويف من عذاب القبر وتبخيس الدنيا، دون أن تدلنا على سبل النجاة من عذاب الفقر.
يجب أن نحرر الأذهان من دين التخويف لنعيدها إلى دين التشريف، وأن ينغرس في ضمير المؤمن الإحساس بالذنب إن وقف أمام مظاهر الفقر والظلم دون بذل جهد للإصلاح. لا نلغي شيئا من العقائد، ولكننا نغير زاوية النظر إليها.
ويجب نقل مركز التفكير في إدارة الشأن العام من تفاصيل القوانين إلى المقاصد الكلية وفلسفة التشريع.
ويجب إعادة بناء سلّم الأخلاق والقيم لترسيخ معاني النجاح والاقتحام والتنافس والكسب ومراكمة الثروة. وبذلك يتم التأكيد على أبعاد الدين الاجتماعية قدر الاهتمام بالتزكية الفردية.
وهكذا نجد أنفسنا أمام مهمة استئناف التفكير العالي الذي دشنه ابن رشد في فلسفة الدين، والشاطبي في فلسفة التشريع، وابن خلدون في فلسفة العمران، وما حاوله محمد إقبال في تجديد الفكر الديني، وما حاوله مفكرون كثر بجهود متناثرة في العقود الأخيرة …
يجب أن نتحرر من عقدة الخوف على الدين، فهو أقوى منا جميعا، ويجب أن نتحرر من غريزة تملّكه فهو أوسع منا جميعا.