من أغرب وأطرف الإسقاطات المساواتيّة الشكليّة في تقرير لجنة الحريّات الفرديّة والمساواة التنصيص ص 162/163 على تمكين الأمّ من التّصريح بولادة أبنائها لما في تخصيص الأب بذلك من تمييز ضدّ المرأة الأمّ ، رغم الإشارة إلى إمكان قيام القوابل من النّساء بهذه المهمة والإشارة إلى الوضع الصحّي للأمّ في حالة الوضع الذي يحول دون ذلك مع ما ينصّ عليه القانون من وجوب الإعلام بالمولود في أجل اقصاه عشرة ايّام من تاريخ الولادة وتجريم من يتقاعس عن ذلك ومعاقبته بالسّجن ستّة اشهر مع خطيّة ماليّة،
لكن التقرير اهتدى إلى تخريجة أو حيلة تأويليّة فذّة لعدم تتبّع الأمّ جزائيّا في حال عدم قيامها بالتّصريح في الآجال بمقتضى الفصل 25 الذي ينصّ على معاقبة كلّ شخص حضر الولادة ولم يصرّح بها، فكان تأويل التقرير " الجليّ أنّ هذه العبارة والمقصود من حضر الولادة لا يمكن ان تشمل الأمّ لأنّها هي الوالدة" .
ربّما يطرح السّؤال عن سبب هذا التعسّف على السّياقات والملابسات الموضوعيّة للمسألة وخاصّة الاستهانة بمقصد استكمال إثبات هويّة المولود ونسبه من جانب الأبوّة بالتّصريح بعد أن ثبت من جانب الأمومة بالوضع، فالأب لا يقوم بمجرّد إجراء شكليّ يهدف إلى الإعلام والتصريح بالولادة بل يثبت أبوّته للمولود ويلحقه بنسبه وهذا لا يتحقّق بإعلام الأمّ منفردة،
غاية ما في الأمر بالنّسبة الى التّقرير ليس القضاء على التّمييز بين الرّجال والنّساء وفي هذه الحالة الآباء والأمّهات بل بين فئتين من النّساء هما الأمّهات بعقد زواج شرعي والأمّهات العازبات حيث ورد ص 163 بخصوص القانون الحالي المعمول به "لا يغطّي الحلّ الرّاهن حالات الأمّهات العازبات اللاتي يضعن خارج الأطر الصحيّة ".
فيقع تعديل نصّ قانوني يحقّق مصلحة عامّة ثابتة وثيقة مراعاة لحالات خاصّة خارجة عن القانون والعرف الاجتماعي.