إلى اليوم لم نستمع من أهل الاختصاص في التّاريخ الحديث والمعاصر إلى قول معرفيّ رصين هادئ يشفي الغليل تفاعلا مع الجدل الذي شهده الفضاء العمومي حول قضايا تهمّ تاريخ البلد وأساسا اتّفاقيّة الاستقلال وما تلاها من إجراءات لتصفية تركة الاستعمار …
هناك فقط تسفيه للآخرين ووصم لهم بالجهل وعدم الأهليّة واتّهام لهم بالتّآمر على استقلال البلد وتشويه رموز الحركة الوطنيّة وتفتيت الوطن ... بل ذهب أحدهم بكلّ حماسة في شكل من التحدّي إلى الدّعوة إلى مناظرة علنيّة حول القضيّة " دعوة كرّرها في كلّ وسائل الإعلام التي استضافته " كأنّها دعوة للمبارزة …
وهو موقف غريب يندرج ضمن ثقافة السّجال والمناكفة والمغالبة والنّزعة الانتصاريّة التي يجب أن يترفّع عنها من ارتقى إلى مصافّ المؤرّخين المتّزنين .
نريد من العقلاء الذين يعدّون أنفسهم جهة مرجعيّة محكّمة في تاريخ البلد أن يجيبوا بقول معرفي عن أسئلة التّونسيين وهواجسهم ... هذا حقّ المواطنين عليهم بمقتضى ما أنفقته عليهم منظومة التعليم العمومي من المال العامّ لتيسير سبل الترقّي المعرفي والتعمّق البحثي ...
المؤرّخ المؤهّل ليكون قوله مرجعا يجيب من خلال النّدوات و البحوث العلميّة والحوارات المتخصّصة البعيدة عن الأهواء و المهاترات و التّوظيف الأيديولوجيّ للجدل حول التّاريخ وتجييره لهذه الجهة أو تلك.