ليس من السّهل الانتقال من حركة " إسلام سياسي " بكلّ محمولاتها و التباساتها العاطفيّة و الأيديولوجيّة و الاحتجاجيّة إلى حزب مدني عصري ، رغم كلّ المؤشّرات الإيجابيّة من قبيل الدّخول إلى الحكم عبر انتخابات نزيهة و شفافة و الخروج منه استجابة لضغط سياسي من قبل المعارضة و ضمن حوار وطني ساهم في التداول السلمي على الحكم ، ثمّ عادت إلى الحكم من جديد إثر انتخابات نزيهة و ضمن توافق سياسي مهما كان تقييمنا له بالإضافة إلى المراجعات المنجزة في لوائح العاشر ،
فضلا عن أنّ استحقاق المدنيّة من المطالب التي توجّه لكلّ الأحزاب العقائديّة الشموليّة في البلد مهما كانت مرجعيّتها و هويّتها.
و في مقابل ذلك بيّنت الوقائع أنّه ليس من السّهل لمن كانوا جزء من منظومة الاستبداد و الفساد القديمة التي قامت عليها الثّورة الانتقال فكرا و ممارسة إلى المنظومة المدنيّة الديمقراطيّة و قد ترسّخت فيهم ثقافة العنجهيّة و التحايل على القانون و استغلال النفوذ و الزبونيّة و الغنائميّة و النّفعيّة ،
بل كيف لمن دعا إلى حلّ أوّل مؤسّسة شرعيّة بعد الثورة أن يكون مؤهّلا للشّهادة على الفاعلين السياسيين و إسداء " صكوك الغفران المدني " ؟!
الجميع مطالبون بإنجاز مراجعاتهم و تأكيد صدق تبنيهم نظريّا و عمليّا للسياسة المدنيّة ضمن المقاربة التي أقرّها دستور البلد.