عندما يصرّح الأمين العامّ للحزب الحاكم المنحلّ أنّ حزبه لم يكن يتدخّل في العمليّة الانتخابيّة و أنّه كان ينتظر نتائج الانتخابات و يعلم بها مثل بقيّة المواطنين فهذا يُسَمّى استبلاها للتّونسيين و استخفافا بعقولهم و ذكائهم و محاولة سخيفة فاشلة لتزوير الذّاكرة و طمس الحقيقة التي يعلمها كلّ التّونسيين و هذا أخطر من عمليّة تزوير الانتخابات و إرادة التّونسيين نفسها التي مارسها الحزب الحاكم على امتداد عقود.
هذا الخطاب الإنكاري الاستحماري الذي يضحك على ذقون الشّعب لا يوفّر مناخات حقيقيّة لإنجاز المصالحة و الإنصاف و الصّفح ، حيث أكبر ضحيّة هي الحقيقة و الذّاكرة و التّاريخ الذي باسمه ارتكبت أبشع الانتهاكات في حقّ وعي التّونسيين و التّونسيات باسم سرديّة رسميّة مفبركة مزوّرة .
كشف الحقيقة هو الرّكن الرّكين للعدالة الانتقاليّة و الشّرط الأساسي للمصالحة، و مواصلة سياسة التزوير و التزييف لا يخدم الانتقال الديمقراطي و إرساء شروط الاستقرار و السّلم الاهلي مهما بدا لهولاء من تغيّر في موازين القوى و اغترّوا بضعف تيّار الثّورة و تشتّته ، حذارِ فتحت الرّماد اللهيب …