لماذا يجوز لرئيس البلد أن يوظّف الدّين في الشّأن السياسي و يؤوّل الآيات حسب اجتهاده الشخصي لتبكيت خصومه بل وصمهم بالفسق، و ذلك انخراط في سلوك التفسيق وهو إخراج الشّخص من العقيدة أو ما يقرب منه، و مع ذلك ينتصب شاهدا و حكما على مدنيّة هذا الحزب أو عدم مدنيّته؟
هل موقعه يجعل خطابه خارج جدل التصنيف في دائرة المدنيّة ؟
الذين أسعدهم تفسيق غيرهم لأنّه خصم سياسيّ لهم يمكن أن يرتدّ عليهم هذا الوصم و يشملهم لو تغيّرت السياقات السياسية ، يومها سيكون رفضهم لهذا السلوك تناقضا أخلاقيّا و كيلا بمكيالين و لا يحقّ لهم عندها طلب مساندة غيرهم ،
علما أنّ الفسق له معنى دينيّ خاصّ يقصد به فسق العقيدة أو فسق الجارحة
أمّا فسق العقيدة فهو الكفر و التفسيق هنا تكفير صريح، و أمّا فسق الجارحة أو العمل فهو ممارسة الكبائر و الفواحش التي تجعل صاحبها في دائرة الشّبهة في ما يقتضي التّصديق عند الشهادة أو نقل الأخبار، و رمي النّاس بالفسق في هذه الحالة هو قذف و اتّهام في الذمّة و العرض .
و في كلى الحالتين " تفسيق التكفير أو تفسيق القذف " فهذا لا ينتمي إلى دائرة السّلوك السياسي المدني و الحضاري في إدارة الاختلاف السياسي ، و ليس من المعقول أو المقبول أن يصدر عن رأس دولة يقرّ دستورها هويتها المدنيّة و مناهضة التّكفير و الاعتداء على الحرمات الشخصيّة و الكرامة الذاتيّة.
هل سنضطرّ إلى دعوة رئيس البلد إلى التزام مقتضيات السياسة المدنيّة و محاولة جلبه إليها و اختبار و تقييم الخطوات التي قطعها في اتّجاه المدنيّة ؟؟؟!!!