سؤال أوّل حول هويّة التقرير الذي لا يتعلّق بمجرّد توسيع لهامش الحريّات الفرديّة والمساواة وتعديل القوانين التمييزيّة والمنتهكة للحريّات الفرديّة بل هو أبعد من ذلك بكثير ، هو بمثابة دستور اجتماعي جديد يرمي لإعادة تأسيس المنظومة المجتمعيّة والقيميّة على مستوى انتظام الفضاء الخاصّ والعامّ وتنظيم العلاقات العامّة والخاصّة ، انطلاقا من تأويل خاصّ أشبه بعمليّة الاختطاف لفصول الدّستور والنّصوص الدّينيّة، فهل لجنة التقرير بتركيبتها المحدودة وغير المتوازنة مخوّلة بشكل انفرادي لصياغة دستور اجتماعي قيمي للشّعب التّونسي ؟
سؤال ثان يطرح التقرير سؤال العلاقة بين القانون والمجتمع ، وبين الدّولة والمجتمع ، هل للقانون دور تقدّمي على نسق تطوّر المجتمع دينامياته أم يعبّر عن المطالب الملحّة لغالبيّة المجتمع ؟ هل يستبق القانون المعطيات السوسيولوجيّة غير النّاضجة بقصد تهيئة المجتمع للتطوّر ولو بشكل قسريّ فوقيّ مسقط أم يواكب نسق تطوّر المجتمع وبراعيه اثناء صياغة القوانين ؟ هل دور الدّولة هو تحفيز المجتمع لتطوير الوعي العامّ بما تضمنه من حريّة تفكير وتعبيير وبحث أكاديمي يساهم في تغيير نمط التفكير والقيم والعلاقات أم تنوب عنه في تقرير ما يصلح به من تشريعات وأشكال انتظام ؟
سؤال ثالث يتعلّق بالخصوصيّة والكونيّة ، هل كلّ منتج حداثي له صفة الكونيّة ؟ هل تكتيب التأويلات المحليّة للمنظومة الدولية لحقوق الإنسان والتجريبات التشريعيّة المختلفة التي اقتضتها سياقات خاصّة مجتمعات غربيّة صفة الكونيّة والسلطة المرجعيّة لشعوب العالم ودولها ودساتيرها ومنظوماتها التشريعيّة ؟
سؤال رابع يتعلّق بالديباجة الدينيّة التي تصدّرت التقرير وتبيّن لاحقا أنّها صيغت بشكل بعديّ ، هل هناك علاقة بين ما وقع صياغته من تأويلات وتشريعات والمرجعيّة الدينيّة التي جعلها التقرير من مرجعياته بخلفيتها الاجتهادية المقاصديّة أم أنّ المسألة لا تعدو أن تكون شكليّة ذرائعيّة وتبريريّة ؟
سؤال خامس حول الحريات الفرديّة والمساواة هل هي مطلوبة لذاتها بشكل صوري شكلاني بقطع النّظر عن مطالب المجتمع أم لتحقيق مصلحة ثابتة أو راجحة للفرد والمجتمع ؟ هل كلّ ما يبدو في ظاهره تمييزا وحدّا من الحريّات الفرديّة من وجهة نظر شكليّة وصوريّة مفض إلى انتهاك المساواة والحريّات وتحقيق مصلحة الفرد والمجتمع ؟
سؤال سادس يتعلّق بتشخيص أوضاع المجتمع وبحقيقة تغيّر المعطيات السوسيولوجيّة بشكل نوعيّ جذري يفضي بالضرورة إلى تغيّر التشريعات والانتظام الاجتماعي بشكل نوعي جذري ؟ هل اعتمد التقرير على ما يكفي من الدّراسات الأكاديميّة المتخصّصة خاصّة في سوسيولوجيا الاسرة التي تشخّص كمّا وكيفا وتحلّل المعطيات الاجتماعيّة فتبيّن له وجود تطوّر نوعيّ يقتضي تشريعا نوعيّا ؟
هذه الأسئلة المنهجيّة تطرح بين يدي تقرير مرتجل صيغ على عجلة من أمره كانّما يستبق تغيّر أوضاع مواتية فيسارع لفرض أمر واقع تشريعيّ فيحقّق من خلال الاستقواء بالسّلطة وعلاقات القوّة ما لا يمكن تحقيقه من خلال الارادة الشعبيّة.