لا تناقض في العنوان ، انتهت البورقيبيّة كتجربة في الحكم اتّسمت بمركزيّة الفرد و الرّئاسة مدى الحياة و حكم الحزب الواحد و نبذ أشواق التّونسيين للحريّة و الدّيمقراطيّة و العدالة الاجتماعيّة…
انتهت البورقيبيّة بفعل الثّورة ، قد تكون الثّورة تصحيحا للبورقيبيّة أو مراكمة عليها باعتبارها تجسيدا منقوصا و مشوّها لمطالب حركتي الإصلاح و التّحرير الوطني التي كان يفترض أن تنهض بها دولة الاستقلال .
تبقى البورقيبيّة حيّة في قلوب من عاصروا الزّعيم بورقيبة من رفاقه في النّضال وممّن آمنوا بزعامته و من شملهم برعايته و نعمه و محاباته من شخصيات وفئات و جهات ،
و تبقى حيّة في وجدان ضحايا سياساته و عائلاتهم الذين لا يزالون على قيد الحياة.
و تبقى كذلك حيّة في في أجندات من يعملون على توظيفها لخدمة أهدافهم السياسيّة .
و تبقى حيّة في الانجازات التي أبقتها للتّونسيين على رأسها دولة قائمة الذّات بمؤسسات عصرية كانت رصيدا وطنيّا رغم ما شابها من فساد و بيروقراطيّة ، و ما أنجزته هذه الدّولة في مختلف المجالات رغم ما شابها من محسوبيّة و تفاوت جهوي بسبب سوء التّقدير و اختلال منوال التنمية أو لأسباب سياسيّة عقابيّة ممنهجة و ما شابها كذلك من حصيلة ثقيلة لملفّ حقوق الإنسان ، و ما ورّثته من نظام بوليسي مافيوزي انقلب على رأس الدّولة .
رحل الزّعيم الوطني بورقيبة رحمه الله و بقي في ذمّة التّاريخ و النّزهاء من المؤرّخين الشّرفاء.