الآن بعد الحصيلة الهزيلة لجدل التّقرير والاستقواء برأس السلطة التنفيذيّة " تبنّي اقتراح وحيد يتيم من جملة مقترحات التّقرير التي امتدٰت على مائتين وثلاثين صفحة ونيّف " وإحالة الباقي على توسيع دائرة الحوار .
سؤالي لكم ماذا لو كانت هذه القضايا في صلب النّقاش العمومي المفتوح لكلّ أصحاب الرّأي خاصّة من المجموعة العلميّة من مختلف الاختصاصات ، هل كانت الحصيلة ستكون بهذه المهانة لكم ولمشروع التّجديد الذي تسوّقون لعدم نضج المجتمع لتقبّله ممّا يستدعي استلحاقه ثقافيا وحضاريّا بفرض أمثولة التنوير المستنسخة بشكل فوقيّ عبر أدوات السّلطة وتمريره من خلال تناقضات التّوازنات السياسيّة ؟
رهنتم مشروع التّجديد والتّحديث وإرادتكم في ذلك لمصالح السياسي ومناوراته ومقايضاته، ماذا لو وضعتموه صلب النّقاش العمومي ودافعتم عن تصوراتكم وسط الجدل والحوار المواطني المعرفي ، أراهن على انّ المكاسب في اتّجاه الحريّات الفرديّة والمساواة كانت ستكون اكبر وامتن وأوثق وأكثر انسجاما مع السياق الثقافي والوطني وأكثر كشفا لما في ثقافة الذّت من مواطن جدّة وطرافة وأكثر توحيدا للتونسيين وتطويرا لوعيهم بالحريات والمساواة.
اقتراح يتيم وأوسمة وصور باهتة وفرح وهميّ على نخب انتصار وهميّ على ثقافة الشّعب الذي لم ينضج بعد للتحديث الذي يبقى في غربته الوطنيّ والشعبيّة ورقة من ورقات السياسي التي يخرجها في سياقات المناورة والدّعاية والتسويق وحشد النّاخبين .
لا احبّ استعمال عبارة بول نيزان في حقّ كثير ممّن اكنّ لهم المودّة الاحترام والتقدير ولهم عليّ وعلى أجيال قبلي وبعدي فضل كبير فقط اقول لهم طريق التنوير المجتمعي طويل وشاقّ لكنّ ثماره أحلى وأدوم وأجلب للمصلحة وتقدير الشّعب، وطريق التنوير السلطويّ القسري أقصر لكنّه هشّ ومحفوف بالتشوّهات على مستوى الافراد والمجموعات.
مجتمعنا يتشكّل بتفاعلاته الدّاخليٰة الصعبة وسيفرز نخبه المعبّرة عن ضميره ونبضه ويصوغ مشروعه التنويري التحديثي النّابع من ثقافة الذات التي تعش عصرها بكلّ استحقاقاته.