ألمانيا ,دولة فيدرالية تتكون من ستة عشر ولاية ,تسمى بالألمانية لاندر Lander,تتمتع باستقلالية واسعة ,فلكل لاندر , حكومة محلية ,وبرلمان محلي ,يسمى الرات .
عاصمة البلاد,هي طبعا برلين ,مقر رئاسة الدولة ,المستشارية ,وطبعا البرلمان الفيدرالي البوندستاق.... السلطة بألمانيا موزعة,ولا يمكن بالتالي ,لأي مؤسسة,أن تستحوذ على القرار لوحدها ,أو إحتكاره ,لقد فهم الالمان الدرس من الدكتاتورية , ولقحوا من فيروس "الزعيم "....بعكس بلادنا ,للأسف الشديد…
عندما أتت السيدة ميركل الى بلادنا,فرضت أجندتها ,بخصوص ترحيل مواطنينا المهاجرين خلسة هناك ,وذلك بدون الاخذ بعين الاعتبار,للجوانب ,الاقتصادية ,السياسية الاجتماعية لبلادنا ....ففي السياسة الدولية,إذا كنت بدون عزيمة فولاذية ,تنبع من شرعية داخلية حقيقية وصلبة,لا تحسن فن المناورة,والتفاوض مع الجهل التام بالطرف الآخر ضاعت مصالحك ولن يرحمك أحدا.
أتخذ قرار ترحيل هاته الفئة المستضعفة من التوانسة ,لأسباب داخلية ألمانية بحتة ,إذ أن قبول ألمانيا لحوالي مليون ونصف لاجيء سوري ,تسبب في تراجع شعبية السيدة ميركل ,وفي إنهيار حاد لنوايا التصويت لصالح حزبها "الديمقراطيةـ المسيحية" C.D.U في الانتخابات المقبلة ,والقريبة جدا.
الملفت للنظر ,والمستهجن ,أن السبسي ,في خرق واضح للدستور ,وافق على هكذا إتفاقية ,بدون المرور أمام البرلمان ,فخرج إلينا ,قائلا ,ببساطة مذهلة.....الاتفاقية .."باهية "....... !!!circulez il n y a rien à voir.....
القضية مرت بأمان بالنسبة لميركل بتونس,لأنها أقنعت "رئيس القبيلة ",الذي يحكم هنا .toi grand chef tribu, toi y en a signer là ,رئيس قبيلة باهي ,رئيس قبيلة عظيم ,رئيس قبيلة هنا يمضي ....وطارت الى بلادها .
طبعا الامر لم يكن سهلا ,ولا هينا لها,هناك ببلادها إذ هناك يوجد دستور ,توجد مؤسسات,صحافة حرة ,ورأي عام . فرفض مؤخرا" مجلس البوندسرات " اي مجلس البرلمانات المحلية ,إعتبار تونس كبلد منشأ أمن ,…المبدأ الذي على أساسه يطرد التوانسة الان ,فتعطلت الالة …..
البرلمانات المحلية في العديد من الولايات,بعكس البرلمان الفدرالي , تهيمن عليها قوى تقدمية وديمقراطية ,اليسار الاجتماعي die Linke ,وحزب الخضر die Grunen ,إستندت على أخر تقرير للمنظمة الانسانية "أمنستي الدولية",التي شطبت بلادنا خلال الترويكا من قائمة دول العار ,التي تمارس التعذيب.
تراجعت الان على ذلك وأدرجت بلادنا مجددا في تلك اللائحة الآثمة ….,خبر تراجيدي ,مؤلم ,ومحزن بالنسبة لكل وطني صادق ,أهمل من قبل إعلام بودورو المحلي ولا أقول التونسي………بعكس الاعلام بألمانيا ,أين لا يمزح مع أمور التعذيب….
طبعا القضية لم تحسم نهائيا ,ولا أظن أن مقترح ميركل وأغلبيها الحالية ,في البوندستاق,بخصوص المهاجرين السريين سيمر,على الاقل في شكله المتطرف الحالي, لكنني أعتقد أن الامر برمته ,دلالة ساطعة ,للتأمل جيدا واستخلاص العبر…. على حيوية الديمقراطية الالمانية , وعلى البدائية المطلقة ,لهذا النظام البائس ,العاجز تماما ,وطنيا ,ودوليا ….