"أمهات ساحة ماي"

Photo

إبتليت الارجنتين من بدايات السبعينات الى غاية أواسط الثمانينات من القرن الماضي , بدكتاتورية عسكرية رهيبة ,بقيادة أحد أكبر المجرمين ضد الانسانية الجنرال فيديلا .

عرفت تلك الفترة قمعا رهيبا ضد كل المعارضين ,كما "تميزت" باختفاء الالاف منهم في ظروف دراماتيكية ,إذ كانت "كتائب الموت" التابعة للطغمة العسكرية تقوم باختطاف كل من "لا يروق لهم فكريا وسلوكيا",لكي يعذب في الثكنات العسكرية , ,يخدر ,ثم يرمى ليلا بالطائرات ...بالبحر بخليج بوينس ـ آيرس.....

وساد صمت رهيب ,بجمهورية الخوف !!!

لكن ,لكن ,من قلب تلك الظلمات قامت مجموعة من النساء ,17 بالضبط في البداية, بدون هوية سياسية محددة ,بالتوجه الى القصر الرئاسي ,مغطيات رؤوسهن بفولارات من الحفاضات "الكوش" كرمز لأولادهم المختطفين, للمطالبة بمعرفة مصيرهم ....

فاستقبلن بازدراء شديد من قبل العسكر وأمرن بالانصراف .. فقمن في حركة عفوية لكنها... يا الله كم هي معبرة وشجاعة .., بالدوران في الساحة التي يوجد بها القصر, لكن..... في الاتجاه المعاكس ضد عقارب الساعة ..للتذكير, وضد النسيان ....ومن الغد عدن الى نفس المكان للدوران بنفس الساحة, ومن بعد الغد عدن مجددا..

واستمرت تلك الملحمة النسائية بدون كلل أو ملل ,كامل فصول السنة ,سنة بعد سنة ....الى أن سقطت الدكتاتورية ,بعد هزيمة حرب المالوين ضد بريطانيا,وزج بتلك الطغمة الفاشية في السجن ,وقيام الديمقراطية بالأرجنتين .

طبعا لم تكن الامور سهلة ,حاول النظام بداية تهميش الحركة بالتهوين منها ,فأطلق عليها حركة" مجنونات ساحة ماي" بالاسبانية las locas de la plaza de mayo,ثم قام بالتنكيل بهن ,وخطف واغتال العديد منهن ومن أقاربهن ,لكن الحركة لم تلن,بل تعاظمت والتحق بها العديد من النساء ,شيبا شبابا ,واستمر الاحتجاج والدوران بساحة ماي ,للتذكير ,للمحافظة على الذاكرة ,ضد الخوف ,ضد القمع …

ملحمة نسائية عرفت صدى عالميا واسعا, تعاطف معها وساندها كل أحرار العالم.

تذكرت هاته الملحمة " ملحمة امهات ساحة ماي" LAS MADRES DE LA PLAZA DE MAYO , بالدموع ,دموع النوستالجيا والحسرة,وأنا أتابع مسيرات نسائية بائسة ببلادي ,تدافع عن الدكتاتورية القائمة,بدعوى الدفاع عن حقوق المرأة ,رغم ان هذا النظام لم يسد لستين سنة ,إلا بقمع الانسان ,واستغلاله , أكان إمرأة أم رجلا ....هناك نساء ونساء.....

أسفي عن ضياع البوصلة لدى البعض ....

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات