إسيقظت تونس اليوم على خبر فاجع ومفزع,أبكانا جميعا وحطم قلوبنا. بنات وأولاد في عمر الزهور ,شباب ,كهول ,وشيوخ ,قضوا تحت الردم ,الخرسانة ,والحديد ,في انهيار عمارة قديمة بقلب مدينة سوسة .
نبكي الموتى ؟,نترحم عليهم ؟,ونقول قضاء وقدرا وتمرالمسألة هكذا ببساطة ,لكي "نتلهى" بمأساة أخرى ,بتراجيديا أخرى ,وبين هاته وتلك "نغطس" في تفاصيل حادث تافه أخلاقوي ,غرائبي ,ومثير,يقوم إعلام بودورو بالنفخ فيه؟؟؟؟؟؟
لا والف لا….. هناك مسؤوليات يجب أن تتحدد ,هناك جهات معينة يجب أن تسأل هناك ابريا ء ماتوا ميتة شنيعة تطالب بالعدالة ,كما لا يجب أن ننسى ان بكامل بلادنا توجد الالاف من "القنابل الموقوتة " ,في شكل عمارات ,وبنايات تهدد بالانهيار في أي لحظة, حاصدة حياة الالوف من المواطنين, ….
من الملاحظ ومن الجالب للأنظار, أ ن تراجيديا سوسة ,جدت سويعات بعد الزيارة التي أداها الباجي قايد السبسي الى سوسة , وكأن القدر أراد ان يدلي بشهادته وأن يوجه أصبعه الى المسؤول عن هذا الخراب والدمار .
رجاء ليست نيتي الشخصنة البدائية والمبتذلة…,لكنني ذكرت إسما …وبذلك قصدت أساسا نظاما سياسيا ,ثقافيا ,إجتماعيا واقتصاديا بحاله,تولى الحكم ببلادنا لأكثر من ستين سنة,أطرد من قبل الشعب لفترة وجيزة ,لكنه رجع إلينا بشكل أكثر فسادا و تخلفا بعد الانتخابات الاخيرة…
بالأمس ,بسوسة عاين شعبنا ,كيف يهدر المال العمومي وبكميات مفزعة , وكيف تعطل منطقة بأسرها ,وكيف تبدد الالاف من ساعات العمل ,لإرضاء نزوات "الزعيم " ,لإيهام الناس بان الامور عال العال ,
زينت الشوارع وفرشت ورودا كلفت دافع الضرائب الملايين …بينما على بعد امتار ..كانت التراجيديا ستضرب …جراء ذلك الفساد ,جراء تبديد الاموال العمومية في الخزعبلات ,جراء سوء الادارة وغياب الكفاءة…
للأسف كل متابع لردود الفعل التي تلك تلت هاته الفاجعة,على الصعيد السياسي والإعلامي سيلحظ بسهولة ان كل الجهود تنصب حاليا وبسرعة رهيبة لتحميل مسؤولية ما حدث الى الوالي ..إلى المعتمد …الى الكاتب العام …بدون ذكر المستوى السياسي المسؤول الاول والأخير ,أي….الرئيس ,الوزير الاول ,والحكومة…
لا وألف لا ,إستبلاه الناس لن يمر…المسؤول الاول والأخير …هو الممسك بكل السلط ببلادنا…وهو الذي يتحمل المسؤولية ,كل المسؤولية لما جرى بالأمس بسوسة,ولا يمكن له التفصي من تحمل مسؤولياته …السياسية والأخلاقية…وإلقاء المسؤولية على "الدرجات السفلى" في سلسلة الفساد والإفساد..
أنهي كلامي هذا بمقولة الفاروق , عمر بن الخطاب,والتي جاء فيها:
" لوعثرت بغلة في العراق ,لسألني الله تعالى عنها,لم لم تمهد لها الطريق يا عمر؟؟؟؟" …
بالأمس بسوسة لم تتعثر بغلة… بل سالت دماء لوثت جوهرة..جوهرة الساحل, قبل أن يسأل المسؤول عنها يوما امام العدالة الالاهية, يجب ان يسأل عنها الان سياسيا ,….وجنائيا….