في موروثنا الثقافي الجماعي ,تحتل السياسة ,بمعنى الاهتمام والمشاركة الفعلية ,في الشأن العام ,مكانة مرموقة ومميزة ,,ولها شروط معينة.
فعندما يقع تباين بسيط أو عميق بين أطراف مختلفة ,ستجد دائما من سينبه الى ضرورة معالجة الامور ب .."السياسة ", فنقول بالعامية " سيس ...بالسياسة ...تعلم السياسة ..." , كما يتهم كل من يتعدى حدوده ,ويعتدى على الاخرين ,بأنه "مش سيس ..ومايعرفش السياسة " بمعنى جاهل ,لا يحسن الخوض في الشأن العام , وغير جدير بتحمل أي مسؤولية في المجتمع .
هذا موروثنا الثقافي الشعبي , المشجع على المشاركة في الشأن العام,بطريقة سلمية ,لان البديل للسياسة سيكون كارثيا أي ,العنف ,القهر ..والتخلف.
للأسف الذي حصل ببلادنا ,خلال كل العقود الماضية ,كان تنفير الناس منها ,وتطليقها بالثلاث ...
في المرحلة الاولى ,بسبب الخوف , فالاهتمام بالشأن العام من قبل المواطن ,والخوض فيه أصبح خطرا ,ففي ظل دكاتاتورية الفرد و"الزعيم " ,لا مكان للرأي والرأي المخالف ,وإلا كان العقاب , التهميش ,السجن ,التعذيب , التهجير ...أو الغربة الداخلية …
في المرحلة الثانية , إزدادت الامور سوء , فأصبحت السياسة مرادفة للفساد , الرشوة ,المحسوبية ,وبكل ما هو سلبي و قبيح ..كما ان السلطة أصبحت تشريفا ,لا تكليفا ,خاصة في غياب الحسيب والرقيب ..مما أدى الى إنحرافات خطيرة ...الاثراء الغير الشرعي ,التزييف ,وانتشار النفاق ,التزلف ,المحسوبية ,ألخ ..ألخ …
على مراحل عملت وسعت منظومة فكرية ,سياسية ,ثقافية وإعلامية متنفذة ,على تهميش السياسة .بمعناها النبيل,,ترذليها ,تشويهها ,وشيطنة كل من يهتم بها ,فوضع الرأي العام ,المغيب الوعي ,كل مهتم بالشأن العام قي نفس القفة ,الصالح والطالح ,الفاسد والشريف ....
وللأسف الشديد وختاما لما سبق,السقطة الكبرى ,تهاون وضعف البعض ,ممن "عقدنا فيهم النوارة ",أمام إغراءات السلطة ,بتعلات واهية.
من هنا العزوف التام على الاهتمام بالشأن العام ,وانتشار حالات الفوضى ,العنف ,اللامبلاة التي يلحظها المرء ,في الشوارع ,والفضاءات العمومية ....