حفتر ,وبؤس الدبلوماسية التونسية

Photo

الدبلوماسية كالسياسة فن الممكن وليست فن المستحيل ,وإدارة الدولة تقتضي أحيانا إتخاذ قرارات أو مواقف مؤلمة ,موجعة و"موش ولابد", لكن إن "جاز" ذلك فبشرط المحافضة على علوية وأولويةالمصلحة العليا للوطن,وعدم التنكر للمباديء الاساسية والأخلاق التي يجب أن تقام عليها الدولة المحترمة والنظام الديمقراطي السليم .

بناء عليه إستقبال حفتر ,من قبل أعلى سلطة بالبلاد ,وكأنه رئيس دولة ,أوماشابه ,وهو مجرد قائد فصيل ليبي صغيرفي شرق ليبيا تحديدا,وبتاريخه الذي يعرفه القاصي والداني ,أكثر من جريمة ......خطأ إستراتيجي ودبلوماسي شنيع .

إستقبال حفتر بتلك الابهة ,وبقصر قرطاج ,رسالة موجهة الى الخارج,وإلى …الداخل ,مفادها أن تونس الرسمية أضحت طرفا في الحرب البشعة التي تجري بليبيا الشقيقة,الى جانبه,وهذا يعني إستطرادا إستعداء بقية الاطراف الفاعلة بكامل ليبيا …وبالغرب الليبي تحديدا,أي على أبوابنا. مباشرة,…

كما أن السكوت بل السماح له باستقدام ميليشياته معه يعد إستباحة لسيادتنا وكرامتنا ,فعندما شاهدت الفيديو الذي نشر وذلك الاستعراض السخيف لمرتزقته ,الذي يحمل بصمة العمارات المتحدة ,فيديو منحط ,صور بستوديوهات قناة "العربية" العمارتية ,لم ينقصه إلا …نشيد للمطربة العمارتية "أحلام" لكي تكتمل مسرحية الاذلال والمهانة ,تأكدت من ضحالة وتبعية هذا النظام ,الذي لطالما كسر رؤوسنا وشنف اذاننا ب"هيبة الدولة" , و"صورة تونس بالخارج براقة مشرقة."..

أمننا الوطني وبمفهومه الشامل السياسي, الثقافي ,الامني ,والاقتصادي ,يشمل كل العالم العربي والإسلامي ,ومن لم يستوعب درس أفغانستان ,أضحى بدوره خطرا على أمننا ..

لسنا قوة عظمى نستطيع ان نكون مأثرين في هذا الفضاء الشاسع ,ولو ان ذلك ممكنا اذا كانت قيادتنا في السلطة تتمتع باحترام دولي ,لكن يمكن لنا على الاقل أن نأثر في محيطنا الاقليمي القريب ….أي منطقة المغرب العربي.

ليبيا كما نعرفها بلد شاسع ,لكنها موحدة ,بفضل اللغة ,الدين ,والطريقة اوالمذهب السنوسي ,لكنها تعد ثلاث مناطق جيوـ سياسية واضحة ومتباينة….

فزان بالجنوب وهناك ينتهي المغرب العربي لكي تبدأ إفريقيا جنوب الصحراء ,برقة وتبدأ ما بعد سرت شرقا وهناك يبدأ الشرق الاوسط ,وطرابلس وتبدأ من سرت الى الحدود التونسية ومن هناك يبدأ المغرب العربي ….

تواجد قوى معادية غرب سرت ,يعد خطرا مباشرا على امننا ,وقبول حفتر,وأعتباره بصفة أو أخرى زعيم ليبيا الاوحد ,يعني قبول "العمارات " بقيادتها الحالية المعادية جدا جارة مباشرة لنا … وهذا غير مقبول إطلاقا ,ولا أعتقد أن بقية الدول المغاربية ستقبل يذلك أيضا …

لست ضد مقابلة حفتر,أو أي أحد من زعماء الحرب بليبيا في المطلق ,فالدبلواسية كما أسلفت القول ,فن الممكن وليست فن المستحيل,العزلة أوالانتحار وفي بعض الاحيان تتسخ الايادي بمقابلة أحط ناس وأقذرهم ,لكن ليكن ذلك على مستوى لا يورط الدولة وبمستوى معين ,بعيدا عن الانظار ,لا بتلك الطريقة المتهورة ,اللامسؤولة ,التي أثبتت قلة كفاءة دبلوماسية مريعة,مخجلة .

بحسب كل الخبراء,فإن حفتر بضاعة إمارتية ,وظاهرة إعلامية فقط , أما سياسيا فهو معزول وغير مقبول من قبل بقية الفصائل السياسية الليبية,وهذا لا يقتصر على الاسلاميين فقط ,بل يمتد الى المكون الديمقراطي وهو موجود بعكس ما يروج له ,والقوميين والقذافيين بالذات الذين لم ينسوا تاريخه في تشاد وخيانته لليبيا ,و عمالته للأمريكان منذ الثمانينات كقائد ميلشيا ,مماثلة لميليشيا أنطوان لحد بجنوب لبنان ,ومن يشكك في أنفة ووطنية الاخوة الليبيين فهو أحمق …أما عسكريا فنفوذه لا يتعدى حدود مدينة طبرق ,التي لا تبعد إلا العشرات من الكيلومترات عن مصر

إستقبال "الماريشال " أو"المشير" حفتر ,وهي الرتبة التي خلعها على نفسه بنفسه تثبت شخصية سطحية ونرجسية مفرطة,موقف إيديولوجي سياسي لا مسؤول ,علاوة على أنه ضربة لأمننا ولمصالحنا الحيوية بليبيا ,فسيزيد من حدة الازمة الليبية ومن عذابات وألام الشعب الليبي الشقيق ,ويثبت للمرة بعد الالف أن نظام السبسي متذيل للكيان العماراتي ..

لنتذكر سيداتي سادتي جدا ,تلك السيارات الفخمة وثمنها ملايين الدولارات …وفضيحة مرزوق وبنك بنما من أين مرت وتدفقت مليارات الدولارات للعمارات المتحدة خلا ل الانتخابات التونسية السابقة ما زالت عالقة بالأذهان…فلا إستغراب إذا من , حفتر, وبؤس الدبلوماسية التونسية السبسية…


Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات