بين التعصب القومي والتعصب الديني : الروهنغا ,الشعب المنسي

Photo

بداية قبل الخوض في أصل الموضوع ,وجب التذكير أن مأساة الروهنغا ,مسلمي برمانيا ,ليست جديدة ,بل قديمة,وترجع الى الخمسينات من القرن الماضي على الاقل.

لكن للتمكن من الاحاطة بالموضوع جيدا وجب التعريف ببرمانيا التي تحولت في التسعينانت ,على ما أظن الى ماينمار,وأفضل إستعمال إسم برمانيا لاسباب تاريخية ,ولكي يسهل فهم الوضع هناك.

تعد برمانيا من أقدم الحضارات في تلك المنطقة ,حضارة بوذية لا محالة,لكنها حضارة قومية بالأساس ,محورها وأساسها قومية "البرمان " ,بكسر النون,وهي الاغلبية....من هنا الاسم برمانيا ..التي لا تضم إلا "البرمان " بل العشرات من الاثنيات الأخرى فالبلاد فسيفساء عرقية ,ومن أشهرها "الكارين " , "الشان " ..وغيرهما وهي كلها بوذية,..باستثناء"الروهنغا" المسلمة...

تجدر الاشارة الى ان مجموع هاته الاقليات يشكل حوالي الثلث من سكان البلاد , أي حوالي 12 مليون من أصل حوالي 50 مليون نسمة ...وهنا يكمن لب الموضوع …

تعد برمانيا وهي بلد منغلق على نفسها شبه معزولة على العالم الخارجي ,والتي تحولت الى مينمار لإخفاء طابعها القومي المجحف ,من أقدم الديكتاتوريات بالعالم,دكتاتورية قومية متطرفة تحكمها طغمة عسكرية من الجنرالات الفاسدين والمتعصبين منذ الخمسينات من القرن الماضي, وهي تشن الحروب بعد الحروب ضد قومياتها بوحشية لا توصف.

كل الاثنيات الغير برمانية العرق تمردت ,وقاومت السلطة المركزية بالسلاح ,إما بصفة فردية أوفي إطار تحالفات هشة , غير مستقرة...ومورس ضدها قمع وحشي ....

للأسف إشكالية الاقليات البوذية الغير البرمانية العرق والروهنقا,معقدة اصلا بسبب :

ـ إشكالية الـمتاجرة بالمخدرات ,فبرمانيا مصنفة "ناركوـ دولة" لانها جزء من " المثلث الذهبي " الشهير الذي يشمل اجزاء خارجة عن السلط المركزية ببرمانيا ,لاووس ,وتايلاند ,مصدر أغلبية الافيون بالعالم ,و:

ـ إشكالية تاريخية مهمة ...ألا وهي استعمال الانجليز المستعمرين للأقليات ضد البرمان ...سياسة فرق تسد التي "أبدع " فيها الانجليز...مما خلف أحقادا دفينة بين مختلف المكونات العرقية في البلاد.
الاشكال ببرمانيا إذا أعمق من الصورة السائدة ,أغلبية بوذية ضد اقلية مسلمة,
نساند بشدة إخوة لنا في الاسلام ,لكن من الخطأ تحويل المسألة الى مسألة دينية بحتة للأسباب التالية:

ـ الاضطهاد طال كل الاقليات ,وجلها بوذية....

ـ تحويل المسألة الى مسألة دينية بحتة ,سيضر بالروهينغا انفسهم ,وبباقي الاقليات المسلمة بآسيا وخاصة بالصين اين توجد اقليات مسلمة أهمها الويغور …

ـ أخيرا وهذا المهم لنتذكر جيدا كتاب هاتنقتون "حرب الحضارات " ,ولنتذكر أن أطرافا معادية ستسعد جدا بتوريطنا في حروب دينية مع كل بقية الاديان والحضارات ,المسيحية ,الهندوسية ,والآن البوذية ,أي نصف الانسانية :الصين ,فيتنام , كمبوديا ,اليابان ,كوريا ….. …..

ردة الفعل الصحيحة لنصرة الشعب المنسي ,الشعب الشهيد الروهينغا :

ـ عدم الانزلاق أولا في متاهات "حرب الحضارات والأديان " ثم …

ـ التأكيد على ان القضية قضية حق الاقليات في إحترام حقوقها الدينية والثقافية والمساواة بين جميع مواطني البلد الواحد.

دعونا من بيانات التنديد الصادرة عن الانظمة " المسلمة " التافهة ,باستثناء موقف تركيا البطل الذي يحيي ,ومن دمغجة ونفاق دعاة الخليج الذين نسوا فلسطين ..فما بالك بالروهنغا …

يجب العمل على تقديم جنرالات بورما امام المحاكم الدولية المختصة في محاكمة الجرائم ضد الانسانية ,لان جرائهم ارتقت الى جريمة إبادة شعب ,ولنا مثال في ذلك سابقة يوغوسلافيا ومحاكمة الجرائم التي حصلت بالبوسنة والهرسك .

لكن رجاء ..رجاء….لا لتحويل المسألة الى حرب بين البوذية والإسلام ..

حرب الحضارات لن تقع …

الحرية والعدالة لشعب الروهنغا….

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات