قالت رشيدة النيفر:
*الوثيقة المتداولة حول الفصل 80 هي مسوّدة مخطّط.
*تضمّنت تفاصيل دقيقة من أمور تقنيّة وغيرها.
*أنزّه رئيس الجمهوريّة ولكنّي لا أنزّه رئاسة الجمهوريّة.
*الاختراقات موجودة في كلّ الدولة والأنظمة.
*هناك إحساس بالتوجّه مع خلق جوّ عامّ للتطبيع مع الإنقلاب.
* الحلّ الوحيد أمام حالة الفشل هو قدوم منقذ لتونس.
*هناك خلاف مباشر مع مديرة الديوان الرئاسي.
هكذا تحدّثت رشيدة وأمثال رشيدة الذين تغصّ بهم السّاحة، يغصّ بهم البرلمان تغصّ بهم الأحزاب، تغصّ بهم حكومة المشيشي، وتكاد تغصّ بهم حركة النّهضة!!! لكنة ممجوجة باهتة متحايلة لم ينجُ منها إلّا ائتلاف الكرامة الذي وضع إبهامه وخنصره وسبّابته في عين الجاني بشكل مباشر ودون أن يشذ بعضهم، حتى النّهضة أصبحت عاجزة عن تصدير خطاب واحد وانخرم موقفها وزاد انخرامه تشجيع إعلام الانقلابات الذي بات يزيّن لكلّ صوت مواز.
لا نتحدّث عن الحزام الذي يقول بالتثليث كعقيدة سياسيّة، يثلّث بسعيّد والعسكر ونادية عكاشة، نتحدّث عن ماذا تريده رشيدة وبعض الشخصيّات وبعض من تحت القبّة وبعص قيادات النّهضة، أيضا لا نتحدّث عن تلك القيادات النّهضاويّة التي فكّت ارتباطها وذهبت إلى حال رأيها، نتحدّث عن الخطاب المزدوج لحركة تسند التجربة منذ عقد كامل، ويعول الكثير على انسجامها للحفاظ على لبنة الحياة السياسيّة، فإذا بها تخرج علينا بقيادي ليقول.. فيخرج غيره ليقول غير ما قال الأوّل، فيخرج ثالث لينسف أقوالا سبقت ويثبّت أقواله، عمليّة انخرام منذرة وعجز بائن من النّهضة على إعادة الأمر إلى النّاطق الرسمي، أو رئيسها، أو نائب رئيسها أو المتحدّث الإعلامي لتمسيك ولمّ شمل الموقف الرسمي.
هؤلاء يقولون ما تقول رشيدة أنّ نادية هي السبب وأنّ الرئيس لا دخل له بما يحدث! فقط لم يقولوا أنّه أيقونة نضال، خجلوا من محرّكات البحث والأرشفة الشاهدة على نومة طويلة نهض منها على وقع أزيز محرّك الطائرة وهي تغادر تحمل المخلوع إلى الصحراء، يرغبون في إقناعنا أنّ معركة تونس مع الرفيقة نادية عكاشة أو مع الحزام، وأنّه الرئيس النقيّ وأنّه الحمل الوديع الذي يرشح بالصلاح غير أنّهم "غلّطوه"!!!
هل نادية والحزام هم من دفعوه ليضحك مع لطيفة ويزهو في خان الخليل ويشرق بالفرح عند السفّاح ثمّ يأتي إلى جامع الزيتونة فيعاود يعبس ويعاود يكشّر ويعاود يكفهر ويهرّ، ثمّ يلقي خطابات الكراهية والتمييز والفتنة من فوق سجّاد الجامع المعمور؟! هل نادية هي التي أرسلته إلى ماكرين ليساعده في إسقاط تجربة تونس، وهل حقنته نادية وأفقدته حاسة الوطنيّة بل حاسة الإنسانيّة ودفعت به في أتون أبشع عمليّة تخريب لعلاقات تونس، يقطع الطريق عن رزق البلاد مع إيطاليا ومع قطر ومع ليبيا ومع تركيا؟! هل نادية التي منعته من تسليم الرسالة المسمومة إلى النيابة العموميّة التي تترقّبها إلى اليوم، هل نادية هي التي أرسلته يتسكّع على الثكنات ويرجم من منصّاتها المؤسّسات المدنيّة.. هل وهل، وكم هائل من الــ هل! إجابته معلومة لكنّه العناد والكبر والحسابات الحزبيّة عندما يذهب أصحابها في تصفيتها إلى ما وراء الخطوط الحمراء!!!
لا أيّها الأنتم! قيس سعيّد لم يضحك عليه الجنرال الحامدي ولا الفريق الرئاسي السّابق المتكوّن في أغلبه من شخصيّات خبرت السّاحة وزاولت الدبلوماسيّة لعقود وحنّكتها السياسة، لم تضحك عليه الأطراف التي دخلت القصر وغادرته بعد أن اكتشفت خور ساكنه، لكنّه حين وجد ضالته في الحزام الذليل وفي السيّدة المطيعة الخدومة التي لا تعاند وتمضي في ما يقوله وإن كانت رسالة كوفية وصاحب البريد والخيّالة وخطاب الدولة الحسينيّة.. ومرويّات أخرى من الأخشيديّات الكافوريّات وقليلها المؤمنات.
دعونا من الذين يتمسّحون على أعتاب غلطة سياسيّة عابرة في تاريخ تونس، أولئك انتهوا إلى القاع، نركّز على الذين يعولون على خطاب هادئ لين مع رئيس تلبسّته روح الفراعنة، نتحدّث عن الذين شاهدوا كيف أجرم سعيّد في حقّ التجربة والثورة وأعلن الحرب وجاهر بالانقلاب ورفض الاعتراف بالدولة ودستورها وسفّه وهدّد وشتم ونصب الفخاخ في القصر لرموز الدولة وصورهم واقتطع ولفّق ثمّ أخرجهم في هيئة معلم متميّز يقرع تلاميذ كسالى! رغم ذلك يحمّلون الأطراف الأخرى نزوات الرئيس الانقلابيّة، ماذا تفعل الأطراف الأخرى حتى ترضيكم؟هل تشتغل عرّابة لنزواته؟! هل تطلق يد الرئيس ورجله وعقله المخروم حتى يدخل العزيزيّة ويكبر الأصياء حانيباله وسيفه وعائشته فيقلّدهم سلطة اللّجان!
حزام رذيلة أدمن العسكرة يعاقر رئيسا ظلّ لستة عقود عاطلا عن السياسة، عاطلا عن النّضال عاطلا عن كلمة حقّ في وجه الدكتاتوريّة بطبعتيها، ثمّ جاء على حين غرّة ليفجّر عقدة نقصه، عقدة ذنبه في من سبق إلى السّاحة حين قعد هو على أكوام من السجائر وتخّ القهوة.. بلاد تصارع هذه الكوارث ارحموها من خطابات الملامس النيّة في غير موضعها، ارحموها من اللكونة خارج السرب، ارحموها من التلطّف في حضرة ضبع ينهش فريسته بنهم، وأنتم على مرأى من الجريمة، تسعون إلى إيجاد حلّ وسط وتندّدون بكثرة تخبّط الفريسة وتنزّهون الضبع عن مضغ شحمة أذن الضحيّة، وتقولون أنّكم رأيتم ديكا نقرها، ولا تذكرون أنّ ضبعكم مزّق وعبر إلى الأحشاء فهو يغـــــــــــــــوص.
استحوا ولو نسبيّا، استحوا فأنتم أمام مؤسّسات دولة منتخبة تنازلت إلى حدّ العظم، تؤمن بالمدنيّة، تؤمن بالدستور، تؤمن بالثورة، تؤمن بالانتقال الديمقراطي، تؤمن بخصوصيّات الدولة، تؤمن بالتحفّظ في المسائل التي تجرح هيبة الدولة، تؤمن باحترام الاختصاصات، تؤمن بالفصل بين السلطات، تؤمن بتحسين العلاقات في الداخل والخارج، تؤمن بالحوار.. في مقابل جائحة سياسيّة لا تؤمن بغير اللجان الشعبيّة!!...