دعنا نتفق في البداية أن الإنسان البدائي ثم بعد أن تشكل في مجموعات شبه متآلفة إلى ظهور القبيلة، كان يعتمد على ثقافة الطوارئ، دعنا نثبّت أن مملكة النمل والنحل وسائر خلايا الحشرات والحيوانات تعتمد بدورها سياسة الطوارئ خاصة على مستوى المؤنة، بل ان النمل يحصن احتياطاته ويوفر لها اكثر مما يوفر لاستهلاكات.
هذا يعني ان الدولة المحترمة أولى بإرساء الحلول الاحتياطية، وإذا كانت الحيوانات والحشرات ليس من فطرتها العيش العشوائي الهامشي وتُعمل غريزتها لتامين حالات الطوارئ، فانه من باب اولى ان تفعّل الدولة التونسية عقلها وان تعذر فلا أقل من أن تفعّل غريزتها لتأثيث حالات الطوارئ على منوال الحشرات والحيوانات، او من باب أولى أن تطور الدولة سلوكها البعلي ليرتقي إلى مستوى السلوك السقوي.
بما ان كل تونس تدرك حاجة العيد الى المزيد من المياه، وتدرك ذلك قبل عقود فمع الحساب الفلكي أصبحنا نعلم بالتحديد متى سيأتي عيد الأضحى سنة 2050 وما قبلها وما بعدها، لذلك كان يجب التسلح بحلول اضافية احتياطية بديلة، خاصة ونحن نتحدث عن 4 الى 8 ساعات وليس عن ايام واسابيع واشهر،
لكن يبدو أن عقلية الدولة المسؤولة مازالت لم تخالط الدولة التونسية، مازلنا نقتات على الحرية "الشايحة" الجافة بلا إدام، مازالت ليس لنا بدائل في جرعة ماء زائدة وفي طائرة تأخرت وفي آلة تصوير طبية تعطلت وفي طفرة امطار وفي تعطل قطار.. مازلنا صفر احتياط صفر طوارئ نعيش على قدرة الله رغم ان بعضنا لا يعترف بقدر الله ولا بالله ولا بالعلم ولا بأسباب الرقي، لا دنيا ولا آخرة.. يعترف فقط بالأكل والنوم و اللغو واللهو.
قال الوزير سمير "أن الإعداد لعيد الأضحى إنطلق قبل شهرين لتفادي انقطاع الماء ولولا ذلك لكان الأمر أصعب بكثير" والقول ليس ما قال سمير، أيها الوزير.. الجمل الذي هو البعير.. هذا الحيوان الذي لا يعيش على العقل وإنما على الغريزة، لا يشرب بقدر حاجته، بل يقوم بعملية ادخار فطرية للماء، ما يعني ان الناڨة الحيوان لديها من حس الطوارئ اكثر من لدى سمير الطيب الانسان!