أربعة شروط رئيسيّة من صندوق النّقد الدّولي مقابل فتح المجال للحديث عن قرض الــ 5 مليار دولا لتونس.
*تقليص كتلة الأجور في الوظيفة العموميّة
*رفع الدعم عن جلّ المواد الأساسيّة
*خصخصة الكثير من الشّركات العموميّة
*إشراك جميع الأطراف الفاعلة من أحزاب ومنظّمات اجتماعيّة في الحوار حول خطّة الصندوق الإصلاحيّة.
هذه الشروط تفنّد بشكل مطلق التعلّة التي أثّث عليها سعيّد انقلابه، حين أكّد أنّ تونس دولة غنيّة لكنّها منهوبة، وأنّه سيعمل على إعادة الثروة للشّعب، ثمّ ولمّا استحوذ على جميع السلطات، وحين كان الشّعب يترقّب الثروة التي ستعود، لم يأتِ بالثروة وإنّما استهدف الثورة في رمزيّتها 14 جانفي، و لم يجد للتقرّب من جهات استئصاليّة غير التهجّم على النّهضة واختطاف نائب رئيسها، والتقرّب إلى منظّمات اجتماعيّة "الاتحاد" بتلفيق التهم لقيادات ائتلاف الكرامة.
وجاءت شروط الصندوق لتؤكّد ما كنّا قلناه في السّابق لمرّات عديدة، أنّ الفساد موجود لكنّه ليس هو رأس الأمر ومفتاح التنمية، الثروة ليست مسروقة تترقّب سعيّد ليستعيدها، وها قد جاء واستحوذ على صلاحيّات تفوق صلاحيّات الفراعنة ولم يسترد شيئا، بل أغرق البلاد في الغلاء وصدّع علاقاتها مع المحيط الخارجي.
صحيح سبق للصندوق في ورقات تفصيليّة أن تعرض إلى الفساد في تونس، لكنّه في شروطه الأساسيّة ركّز على المحاور الكبرى الواقعيّة التي طرحت منذ سنوات وتمّ تأجيلها تباعا نتيجة التجاذبات وخاصّة نتيجة الأدوار الكارثيّة التي كان يقوم بها الاتحاد وآخرها مع الوزيرمعروف الذي حاول فتح ملف التونيسار، المؤسّسة التي ركّزت عليها ورقات الصندوق وأشارت إليها أكثر من مرّة.
وإلى اليوم حين يخرج المنقلب على الشّعب يحدّثه عن القضاء الفاسد والمؤسّسات الفاسدة وعن ذكائه وفطنته وعن ولّادة وعن كافور، وعن الأعداء والاغتيالات الوهميّة.. ولا كلمة عن المسائل الأساسيّة التي تحدّث عنها خبراء دوليّين وقدّموا فيها ورقات لتونس ليس ضمنها كلمة أو حرف واحد ممّا يجترّه المنقلب بأشكال دوريّة مملّة.
حتى اللقاء الأخير مع الطبوبي غلب عليه التصنّع والاستعراض الممجوج امام الكاميرا، رغم انه جاء بعد آخر ردود النقد الدولي وبعد أن شرح ممثل الصندوق السّابق جيروم فاشيه قبل مغادرته بالتفصيل الخطوات التي يجب أن تقوم بها تونس للخروج من شبح الإفلاس، أين قدّم حقيقة الوضع وخطورته، الا ان المنقلب واصل التغريد خارج الأزمة وأبعد ما يكون عن المشاغل الحقيقية للبلاد. واكتفى بدعوة الطبوبي ليس كشريك وانما لأخباره وكرسالة للصناديق المانحة التي يتعامل معها باستبلاه كما يتعامل مع بعض أحزمته، يحاول استبلاه مؤسسة تتعامل مع دول العالم وتعرف امزجتها، طلبت منه الدخول في حوار شامل مع مختلف الأطراف، فقام بدعوة الطبوبي وأغلق الملف! ربما اعتقد انه كملف الاغتيالات الذي يفتحه متى يشاء ويغلقه كما يشاء!