قطاعات واسعة من الشعب استبشرت بتوليفة لذيذة جمعت بين الهوية والثورية، تبنت ثورة سبعطاش ديسمبر وانحازت إلى ثوابت البلاد، وتلك روابط من شأنها تمسيك الكثير من المخلصين وجمعهم على فكرة واحدة موحدة، قد تشكل البديل لساحة حزبية فشلت في الصمود أمام تسونامي المجتمع الغاضب المزمجر الباحث عن جنة ما بعد بن علي.
ايضا كان الاستبشار بنخبة تشكلت منها قمرة ائتلاف الكرامة يأمل الكثير في أن تعتمد الإيثار والصبر وتتزود من ثقافة الاختلاف وتتوسع فيه وتحسن تفكيكه وإدارته في رحم المؤسسات وبعيدا عن أعين محلات الفهري وموزاييك ووكر الإعلام العمومي الذي أممه الوطد، مثلما يأمل الكثير في ان تقوم قمرة الكرامة بتقديم نماذج هادئة ومفرغة من النرجسية قد تساعد على تحفيز قيادات الحزب الاول والاكبر والاقدم في البلاد على ترتيب افكارها وتنضيب طموحاتها المتفلتة بعيدا عن شهوة الأضواء قريبا من إكراهات المؤسسات.
يعود هذا التحذير أو هاته اللفتة الى بعض الاصوات المتوترة داخل الائتلاف، تلك المصرة على تمرير رأيها رغم تعارضه مع رأي المؤسسة أو بعض أطراف المؤسسة، سينطلق الأمر كما انطلق عند النهضة!
حالة وعي وغيرة على المشروع وامانة حرفية أقسمنا أن لا نحيد عنها.. ثم تتسرب النرجسية وتتوسع الذاتية ويتبزع التحفظ فوق بلاط نسمة وفي حجر مريم بالقاضي وعلى مدارج شمس اف ام ويسيل فوق موائد التاسعة، ثم ينتهي الأمر الى مسخرة…
هي بوادر مازالت تحت السيطرة لذا لا فائدة من التسمية والتفصيل، فقط على صناع القرار داخل ائتلاف الكرامة أن يؤمنوا بأهمية التماسك وفضيلة الخصوصيات، وان يراقبوا تناغم التصريحات ويحذروا من التضارب فهو بوابة للخلاف الذي هو بوابة التناحر، عليهم ان يتواضعوا للفطرة، فمن القيادات من وهبه الله الحجة وقوة الخطاب ومنهم من منحه فضيلة العمل على الأرض وأعطاه وفرة في الحركة، منهم من يأطّر ومن ينظّر ومن يجابه ومن يؤلف..
لا يمكن ان تكون انت كل ذلك وفي كل ذلك، تلك ثقة مفرطة في النفس ستدخل عليها بعض المؤثرات لتتحول جيناتها إلى نرجسية.. ثم وبعد القتال من أجل الثورة والشعب والهوية ستتمحور المعركة حول الانا حول الذات... هكذا تنزح المشاريع الحالمة المبشرة الواعدة نحو الأفول.. الغرور والنرجسية والانانية أوبئة انقضت على الكثير من المشاريع الهادفة فأجهزت عليها.. ومازالت تفعل ذلك... إذا ما فتحت قياداتكم النوافذ وأطلقت عقيرتها نكاية وشماتة في الاخ الشريك، وحتى يسمع القاصي والداني، حينها وحينها فقط أبشروا بالخراب..
مازال الائتلاف مضغة خير ما اجمعت كلمته وطفح الإيثار وغارت النرجسية، اما الاخطاء والاجتهادات فلا تخشونها، فلم ولن تكون مقصلة للمشاريع الوطنية الوازنة، بل هي من جنسها وبعض أسمدتها.