في تقرير مطوّل سبق ونشرته صحيفة الفايننشال تايمز عن أثرياء الحرب في سوريا، أوردت معطيات صادمة ومعقّدة عن أثرياء الحرب هناك، كيفيّة التمعّش وطريقة إدارة الثّروة ومنابعها وعلى حساب من، ولصالح من، ومع من، وبشراكة من؟!...
كيف تراجع رامي مخلوف وتقدّم سامر فوز وكذا حسام وبراء القاطرجي وأيضا صابر حشّوم وغيرهم، تفاصيل أوردتها الصحيفة البريطانيّة وتقارير صادرة عن مراكز دراسات مختصّة تعرّضت إلى طريقة العبور إلى ثروة الحرب، ثروة أو ثروات مصادرها داعش وقسد وإيران والإمارات والنّفط وتجارة السلاح وحركة الميليشيّات من وإلى سوريا..
تفاصيل مُفزِعة عن جرائم التكسّب من دمّ الشعب السوري من محنته ومن أشلائه، حيث يبني الجشع ثروته على أنقاض كلّ المشاعر الانسانية، تماما كالضباع التي تفترس غزالة حيّة بصدّد الولادة!
هذه الصّورة المرعبة بدأت تلقي بظلالها على الكثير من الأوضاع في العالم بعد نجاح فيروس كورونا في تحطيم حاجز الصّين والتدفّق نحو دول العالم، الكثير من الدول صدمت بمظاهر جشعة هدفها التكسّب الخطير المضرّ وربّما القاتل خاصّة بعد أن يتمّ الإعلان رسميّا عن كورونا وتشرع الدولة في التعامل مع الفيروس كحقيقة وليس كفرضيّة، تونس بدورها لم تسلم من ظاهرة الثراء الإجرامي، حركة الاحتكار والتخزين تعدّت المواد الغذائيّة إلى الحاجيّات الوقائيّة الأولى مثل الكمامات والقفّازات ومساحيق التنظيف،
البعض حوّل وجهته إلى المواد الطبيّة وأصبح يخزّن المضخّات الخاصّة بالتنفّس، إقبال مريب على الصيدليّات وعمليّات مشبوهة لا تخصّ المرضى المفزوعين وإنّما تتعلّق بتجارة الموت.
هذه الجريمة التي تستهدف حياة الإنسان ولا تتعلّق بالتكسّب على حساب بعض الأضرار الجانبيّة كما يفعل الجشع دوما، بل على حساب الحياة ولصالح الموت، نوعية منحطة من التكسّب يجب أن تُجابه بحرب شاملة تقوم عليها الدولة والمجتمع، ربّما رجب ملاحقة المجرمين بمقتضى قانون الإرهاب، وعلى السلطة أن تفرّق جدا جدا بين مداهمة مخزن يحتوي على البطاطا، ومداهمة آخر يحتوي على كراتين بخّاخات الربو!!! على القانون أن يتعامل مع هكذا جريمة كما يتعامل مع أصحاب الأحزمة النّاسفة في الأماكن العامّة المكتظّة بل ربّما في المدارس ودور المسنين!
يجب التحرّك بحزم وقوّة قبل أن تهون الدولة ويتغوّل أثرياء كورونا، فيضطّر المواطن لبيع ثلاجته أو سيّارته أو درّاجته النّارية لشراء بعض البخّاخات، ليس من الصيدليّة وإنّما من الكناتريّة وتجّار الاحتكار.