اندماج حزب تحيا تونس مع حزب المبادرة ليس للتكثير ولا للتدثير ولا للتاثير، وليس وليد رغبة تحيا تونس في البحث عن شريك قوي وفاعل، لأن حزب المبادرة وإن كانت لديه بعض مراكز النفوذ الخاملة، ليس ذلك الحزب الذي سيحدث النقلة النوعية ويقدم لحزب الشاهد جرعة مركزة تحمله إلى الصدارة، وتحميه من تغول شركاء الجسد الندائي الممزق.
ولأن الشاهد تعلّم من طفرة الاندماجات الارتجالية او الطفولية او الشهوانية التي لا تكاد تفقس حتى تتلاشى، قام بفرملة كل الطلبات القادمة من المشروع أو من نداء الحمامات أو من غيرهم، وافتتح التنسيق بعملية اندماج تبدو مقصودة لغيرها وليست لذاتها، كما تبدو فضفاضة قابلة للتأقلم مع عدة خيارات، لعل اهمها ان الشاهد بصدد احتواء الحزب الذي تقوده شخصية مثل كمال مرجان يقال ان قيادة النهضة تركن إليه كمرشح توافقي، ينتمي الى المنظومة القديمة ولا يحمل في سلوكه الظاهر ثقافة الاستئصال،
لكن هذا الخيار قد يدخل لدى الورشة النهضاوية بعض الشكوك، لأن النهضة لا يمكنها الاقتناع ان يوسف الشاهد توسع في التعفف إلى درجة التفريط في قرطاج والقصبة واقصار حلمه على وزارة سيادية، فالحركة التي يبدو أنها لن تراهن على الرئاسة بشكل مباشر ومن رحمها وخاصتها، بالتأكيد انها تتطلع بجدية الى القصبة وانها تعمل على ترقية ولدها المدلل من منصة التنمية والاستثمار الى منصة رئاسة الحكومة، وانه من المستحيل ان تعمل على قرْطجة ثم قصْبنة شخصيات من خارجها.
كما يُحتمل ان يكون الشاهد بصدد اتلاف او حزام رئاسي على غرار ما صنعه الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة، يمكن ان تستهويه التجربة البوتفليقية، فيضع نفسه فوق رئاسة الأحزاب وإن كان لابد فرئاسة شرفية، ويترشح كشخصية جامعة يحوطها ائتلاف قادر على غزو باردو، ومن ثم استجلاب شخصية طيّعة لرئاسة الحكومة، ليتسنى للشاهد تكرار تجربة السبسي في مرحلتها الأولى، التي خرج فيها عن الدستور وساس الدولة بأسلوب النظام الرئاسي المطلق، تلك المرحلة التي انهاها تمرد يوسف الشاهد حين عاد الى النظام المختلط وانتزع إليه صلاحيات القصبة،
اذا اختار هذا السبيل فالغالب أنه بدأ بكمال مرجان وحزبه نظرا لطموحه الهادئ، في انتظار ترويض أو تنضيد محسن مرزوق وشق الحمامات ، حتى اذا دشدش معنوياتهم وهش غريزة الزعامة بداخلهم، الحقهم بائتلاف ومنحهم شرف حزامه الرئاسي.
إذا استثنينا عرض نبيل القروي الهاوي الذي لا يرتقي الى درجة الاحتراف ولا الحرفية، والذي مازال في طور الجنين بحيث يصعب الحكم له او عليه، فإنه واذا ما كان الهدف من اندماج المبادرة وتحيا تونس هو تأهيل كمال مرجان الى مرتبة "عصفور نادر" يمكن القول ان هذا هو العرض الأول الجدي الذي يصل الى حركة النهضة، والإشارة الأقوى منذ لقاء فرنس24.. هو العرض الجدي! وهو أيضا العرض الملغّم !!