هناك الفرح الوطني والفرح اللاّوطني، هناك الفرح الرجولي والفرح الطفولي، هناك الفرح البالغ والفرح القاصر.. الكثير من أنواع الفرح منها المشروع ومنها الموضوع، فاين أو بالأحرى كيف نبوّب الفرح السياسي باعتقال القروي وتفتيش حافظ في المطار ومن فعل ذلك سبق وأرسل بعثة أمنية إلى بيت عبد العزيز الداغسني،
كيف يمكن ترتيب الفرح بالإيقافات والاقتحامات والمضايقات، خاصة ونحن ندرك أننا بصدد سلوك يرضي هذا الى حد التخمة ويغضب ذلك الى حد الهستيريا، سلوك يستعمل القانون كقشرة تخفي تحتها حسابات دقيقة وعميقة ومشحونة بعقلية الثأر والتناحر، علينا أن نفرح بتطبيق القانون وليس باستعمال القانون لتصفية الخصوم، علينا أن لا نخاف من القانون، فان سُجنا بموجبه اليوم وبوجه حق لمدة ثلاثة أشهر، فإنه وحده من سينقذنا في الغد من الأشغال الشاقة وبدون وجه حق،
لذلك علينا أن نخوض معاركنا لتثبيت قانون تونس وليس قانون الشاهد، فشاهد الحق قد يتحول في غده إلى شاهد زور، يجب أن نتيقن جيدا من حقيقة رجة المطار التي خلخلت السبسي الصغير، وزلزال مجاز الباب الذي أسقط القروي نبيل.
قبل الشاهد وقبل الحديث عن الاستعمال الموجه للقانون، يجب ان نعترف انه سبق للرئيس الراحل استعمال القانون بأشكال غير سليمة "وتلك عبارة لطيفة تراعي حرمة الميت" كان ذلك حين تدخل لإطلاق سراح برهان بسيس، دون أن يخضع السراح الى اباعد انسانية او صحية أو أسرية او لمصلحة وطنية، لقد ابتدع الباجي قائد السبسي ما يسمى بالسراح الحزبي! أو السراح الإبني! تدخل للعفو عن برهان لدواعي حزبية أو لدواعي ابنية، لمصلحة الحزب أو الابن،
كانت تلك بداية الانتهاكات في صورها البشعة، ثم أقدم حافظ قائد السبسي على جريمة اخرى في حق المنظومة التشريعية، حين استضاف القروي في القصر واشترك معه في الاستحواذ على ختم الرئاسة ورفض التوقيع على القانون الانتخابي.
بعد رحيل الباجي باشر الشاهد عملية تحريك موجهة للقانون، كان ذلك حين عاقب حركة النهضة على قرار الترشيح من الداخل، بإرسال مجموعة امنية الى بيت القيادي النهضاوي عبد العزيز الدغسني وما تبع ذلك من اشارات مهينة، وصلت الى حد تهديد زوجته باستضافتها قريبا لدى اجهزة الامن.
والى ذلك من التحركات الارتجالية للقانون، تلك المشوبة بالهواجس مثل توقيت ايقاف القروي وإيقاف حافظ قائد السبسي وتفتيشه في المطار والبيان الذي أصدرته الداخلية والذي اعتبر مسألة الإيقاف عادية، عبارة عن تفتيش روتيني على خلفية معلومات تؤكد دخول المعني الى تونس بكمية كبيرة من الأموال! ونحن ندرك أن نفس المطار خرجت منه بدرة قعلول سالمة رغم التهم التي تلاحقها، نحن أيضا ندرك أن القانون الذي أوقف القروي فشل لمدة طويلة في إيقاف الحبيب عمار وكمال لطيف وكل الذين ليست لهم مشاكل تذكر مع صاحب الزر الأمني.
ان يتم ايقاف حافظ قائد السبسي في المطار فذلك من صلب اختصاص الاجهزة الامنية إذا كان الأمر خاضعا بالكلية الى روح القانون، لكن ان يعبر السبسي الابن مطار تونس 23 مرة بالتمام والكمال تحت صفة ابن الرئيس، ثم حتى إذا مات الأب وسحب اللقب وعبر الابن للمرة 24، تفطن إليه القانون والقى عليه القبض وتم تفتيشه بكل حزم، حينها علينا أن ندقق ونُمعن نَتحرى، علينا أن نمارس أعلى درجات الاحتياط، لأننا لا ندري بالتحديد هل هو القانون حين يأخذ مجراه، أم أن حافظ السبسي تعرض الى وشاية سياسية، أم أن الأمر أبلغ من ذلك وان السبسي الابن تعرض إلى وشاية سيادية.
دققوا جيدا لأنها إن كانت وشاية سيادية لن تقف عن هذا الحد، اليوم حافظ وفي الغد المرزوقي وبعده العريض وعبو.. سيلقطونكم كعبة.. كعبة.. زنڨة..زنڨة.. دار.. دار.. سيقولون لكم انه القانون، والذين يحسنون فتح صفحات التاريخ يدركون أن قيادات مجالس الثورة في بلاد العرب أعدمت خصومها بالقانون وقننت الثروات بالقانون وتخلصت من المعارضة بالقانون، وطهرت محيطها بالقانون، ثم وبالقانون ذبح زعيم مجلس قيادة الثورة جميع أعضاء مجلس قيادة الثورة.. كله بالقانون.. كله بما يرضي الله، وذلك بشهادة مفتي الديار.
إذا لنحذر القانون الأعور الذي يرى هنا ولا يرى هناك، ونحذر أكثر من القانون الأحول، ذلك اخطر! ذلك ضربته ماكنة... سيقول قائلكم ما به جراية؟ سيقول قائلهم انه مجرم، انه من الشق الآخر!!! سيقول قائلكم ماذا عن الشق المتناحر مع شق جراية؟ سيقول قائلهم انه ملاك، إنه من شقّنا النظيف!!! وحتى لا تذرونا الشقوق ، حتى لا تلهوا بنا يد الشقوق هنيهة وتعود تجمعنا بعد شتات، حتى لا تنثرنا الشقوق فوق الثرى فنتناثر كتناثر العبرات.. حتى نقطع مع ثقافة القطيع ونكرّس ثقافة المواطن الذكي، علينا ان نمارس فرح المواطنين..علينا أن لا نمارس فرح المستوطنين.